اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 61
الجنس قال : ليس النقل واجبا .
والشافعي إنما رجح حملها على التبعيض من جهة قياس التيمم على الوضوء
لكن يعارضه حديث عمار المتقدم ، لان فيه : ثم تنفخ فيها ، وتيمم رسول الله
( ص ) على الحائط .
وينبغي أن تعلم أن الاختلاف في وجوب الترتيب في التيمم ووجوب الفور
فيه ، هو بعينه اختلافهم في ذلك في الوضوء ، وأسباب الخلاف هنالك هي أسبابه
هنا ، فلا معنى لاعادته .
الباب الخامس : فيما تصنع به هذه الطهارة
وفيه مسألة واحدة ، وذلك أنهم اتفقوا على جوازها بتراب الحرث
الطيب واختلفوا في جواز فعلها بما عدا التراب من أجزاء الارض المتولدة عنها
كالحجارة ، فذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز التيمم إلا بالتراب الخالص وذهب
مالك وأصحابه إلى أنه يجوز التيمم بكل ما صعد على وجه الارض من أجزائها في
المشهور عنه : الحصا والرمل والتراب وزاد أبو حنيفة فقال : وبكل ما يتولد
من الارض من الحجارة مثل النورة والزرنيخ والجص والطين والرخام ومنهم من
شرط أن يكون التراب على وجه الارض ، وهم الجمهور وقال أحمد بن حنبل : يتيمم
بغبار الثوب واللبد .
والسبب في اختلافهم شيئان : أحدهما : اشتراك اسم الصعيد في لسان
العرب ، فإنه مرة يطلق على التراب الخالص ، ومرة يطلق على جميع أجزاء الارض
الظاهرة ، حتى أن مالكا وأصحابه حملهم دلالة اشتقاق هذا الاسم - أعني
الصعيد - أن يجيزوا في إحدى الروايات عنهم التيمم على الحشيش وعلى الثلج
قالوا : لانه يسمى صعيدا في أصل التسمية ، أعني من جهة صعوده على الارض ،
وهذا ضعيف .
والسبب الثاني : إطلاق اسم الارض في جواز التيمم بها في بعض
رواياتالحديث المشهور ، وتقييدها بالتراب في بعضها ، وهو قوله عليه الصلاة
والسلام : جعلت لي الارض مسجدا وطهورا فإن في بعض رواياته .
جعلت لي الارض مسجدا وطهورا وفي بعضها جعلت لي الارض مسجدا وجعلت لي
تربتها طهورا وقد اختلف أهل الكلام الفقهي : هل يقضى بالمطلق على المقيد ،
أو بالمقيد على المطلق ؟ والمشهور عندهم أن يقضى بالمقيد على المطلق ،
وفيه نظر ، ومذهب أبي محمد بن حزم أن يقضى بالمطلق على المقيد ، لان المطلق
فيه زيادة معنى ، فمن كان رأيه القضاء بالمقيد على المطلق ، وحمل اسم
الصعيد الطيب على التراب لم يجز التيمم إلا بالتراب ، ومن قضى بالمطلق على
المقيد ، وحمل اسم الصعيد على كل ما على وجه الارض من أجزائها ، أجاز
التيمم بالرمل والحصى .
وأما إجازة التيمم بما يتولد منها ، فضعيف إذ كان لا يتناوله اسم
الصعيد ، فإن أعم دلالة اسم الصعيد أن يدل على ما تدل عليه الارض ، لا أن
يدل على الزرنيخ والنورة ، ولا على الثلج والحشيش .
والله الموفق للصواب ، والاشتراك الذي في اسم الطيب أيضا من أحد دواعي الخلاف .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 61