اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 5
( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) " حديث شريف " بسم الله
الرحمن الرحيم أما بعد حمد الله بجميع محامده ، والصلا السلام على محمد
رسوله وآله وأصحابه ، فإن غرضي في هذا الكتاب أن أثبت [1] فيه لنفسي على
جهة التذكرة من مسائل الاحكام المتفق عليها والمختلف فيها بأدلتها ،
والتنبيه على نكث الخلاف فيها ، ما يجري مجرى الاصول القواعد لما عسى أن
يرد على المجتهد من المسائل المسكوت عنها في الشرع ، وهذه المسائل في
الاكثر هي المسائل المنطوق بها في الشرع أو تتعلق به تعلقا قريبا ، وهي
المسائل التي وقع الاتفاق عليها ، أو اشتهر الخلاف فيها بين الفقهاء
الاسلاميين من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى فشا التقليد .
وقبل ذلك ، فلنذكر كم أصناف الضرق التي تتلقى منها الاحكام الشرعية ،
وكم أصناف الاحكام الشرعية ، وكم أصناف الاسباب التي أوجبت الاختلاف بأوجز
ما يمكننا في ذلك .
فنقول : إن الطرق التي منا تلقت الاحكام عن النبي عليه الصلاة والسلام بالجنس ثلاثة : إما لفظ ، وإما فعل ، وإما إقرار .
وأما ما سكت عنه الشارع من الاحكام ، فقال الجمهور : إن طريق الوقوف عليه هو القياس .
وقال أهل الظاهر : القياس في الشرع باطل .
وما سكت عنه الشارع فلا حكم له ودليل العقد يشهد بثبوته ، وذلك أن
الوقائع بين أشخاص الاناسي غير متناهية ، والنصوص ، والافعال ، والاقرارات
متناهية ، ومحال أن يقابل ما لا يتناهى بمايتناهى .
وأصناف الالفاظ التي تتلقى منها الاحكام من السمع أربعة : ثلاثة متفق عليها ، ورابع مختلف فيه .
أما الثلاثة المتفق عليها فلفظ عام يحمل على عمومه ، أو خاص يحمل
على خصوصه ، أو لفظ عام يراد به الخصوص ، أو لفظ خاص يراد به العموم ، وفي
هذا يدخل التنبيه بالاعلى على الادنى ، وبالادنى على الاعلى ، وبالمساوي
على المساوي ،