اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 47
حيضة إلا بأثر الدم .
والسبب في اختلافهم : مخالفة ظاهر حديث أم عطية لحديث عائشة .
وذلك أنه روي عن أم عطية أنها قالت : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد
الغسل شيئا ، وروى عن عائشة : أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجفيها الكرسف
فيه الصفرة والكدرة من دم الحيض يسألنها عن الصلاة ؟ فتقول : تجعلن حتى
ترين القصة البيضاء .
فمن رجح حديث عائشة جعل الصفرة والكدرة حيضا سواء طهرت في أيام
الحيض ، أم في غير أيامه ، مع الدم ، أو بلا دم ، فإن حكم الشئ الواحد في
نفسه ليس يختلف ، ومن رام الجمع بين الحديثين قال : إن حديث أم عطية هو بعد
انقطاع الدم ، وحديث عائشة في أثر انقطاعه ، أو أن حديث عائشة هو في أيام
الحيض ، وحديث أم عطية في أيام الحيض .
وقد ذهب قوم إلى ظاهر حديث أم عطية ، ولم يروا الصفرة والكدرة شيئا ،
لا في أيام حيض ، ولا في غيرها ، ولا بأثر الدم ولا بعد انقطاعه لقول رسول
الله ( ص ) : دم الحيض دم أسود يعرف ولان الصفرة والكدرة ليست بدم ، وإنما
هي من سائر الرطوبات التي ترخيها الرحم ، وهو مذهب أبي محمد بن حزم .
المسألة السادسة : اختلف الفقهاء في علامة الطهر ، فرأى قوم أن
علامة الطهر رؤية القصة البيضاء ، أو الجفوف ، وبه قال ابن حبيب من أصحاب
مالك وسواء كانت المرأة ممن عادتها أن تطهر بالقصة البيضاء أو بالجفوف أي
ذلك رأت طهرت به ، وفرق قوم فقالوا : إن كانت المرأة ممن ترى القصة البيضاء
فلا تطهر حتى تراها ، وإن كانت ممن لا تراها فطهرها الجفوف ، وذلك في
المدونة عن مالك .
وسبب اختلافهم : أن منهم من راعى العادة ، ومنهم من راعى انقطاع
الدم فقط ، وقد قيل إن التي عادتها الجفوف تطهر بالقصة البيضاء ولا تطهر
التي عادتها القصة البيضاء بالجفوف ، وقد قيل بعكس هذا ، وكله لاصحاب مالك .
المسألة السابعة : اختلف الفقهاء في المستحاضة إذا تمادى بها الدم
متى يكون حكمها حكم الحائض ؟ كما اختلفوا في الحائض إذا تمادى بها الدم متى
يكون حكمها حكم المستحاضة ؟ وقد تقدم ذلك ، فقال مالك في المستحاضة أبدا :
حكمها حكم الطاهرة إلى أن يتغير الدم إلى صفة الحيض ، وذلك إذا مضى
لاستحاضتها من الايام ما هو أكثر من أقل أيام الطهر ، فحينئذ تكون حائضا :
أعني إذا اجتمع لها هذان الشيئان : تغير الدم ، وأن يمر لها في الاستحاضة
من الايام ما يمكن أن يكون طهرا ، وإلا فهي مستحاضة أبدا وقال أبو حنيفة
تقعد أيام عادتها إن كانت لها عادة ، وإن كانت مبتدأة قعدت أكثر الحيض وذلك
عنده عشرة أيام وقال الشافعي : تعمل على التمييز إن كانت من أهل التمييز ،
وإن كانت من أهل العادة عملت على العادة ، وإن كانت من أهلهما معا ، فله
في ذلك قولان : أحدهما : تعمل على التمييز .
والثاني : على العادة .
والسبب في اختلافهم : أن في ذلك حديثين
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 47