اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 43
المسألة الاولى : اختلف العلماء في دخول المسجد للجنب على ثلاثة
أقوال : فقوم منعوا ذلك بإطلاق وهو مذهب مالك وأصحابه وقوم منعوا ذلك إلا
لعابر فيه لا مقيم ، ومنهم الشافعي وقوم أباحوا ذلك للجميع ، ومنهم داود
وأصحابه فيما أحسب .
﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ﴾
الاية .
بين أن يكون في الاية مجاز حتى يكون هناك محذوف مقدر وهو موضع
الصلاة : أي لا تقربوا موضع الصلاة ، ويكون عابر السبيل استثناء من النهي
عن قرب موضع الصلاة ، وبين ألا يكون هنالك محذوف أصلا وتكون الاية على
حقيقتها ويكون عابر السبيل هو المسافر الذي عدم الماء وهو جنب .
فمن رأى أن في الاية محذوفا أجاز المرور للجنب في المسجد ، ومن لم
ير ذلك لم يكن عنده في الاية دليل على منع الجنب الاقامة في المسجد ، وأما
من منع العبور في المسجد ، فلا أعلم له دليلا إلا ظاهر ما روي عنه عليه
الصلاة والسلام أنه قال : ولا أحل المسجد لجنب ولا حائض وهو حديث غير ثابت
عند أهل الحديث ، واختلافهم في الحائض في هذا المعنى هو اختلافهم في الجنب .
المسألة الثانية : مس الجنب المصحف : ذهب قوم إلى إجازته ، وذهب الجمهور إلى منعه وهم الذين منعوا أن يمسه غير متوضئ .
وسبب اختلافهم : هو سبب اختلافهم في منع غير المتوضئ أن يمسه أعني قوله تعالى :
﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾
وقد ذكرنا سبب الاختلاف في الاية فيما تقدم ، وهو بعينه سبب اختلافهم في منع الحائض مسه .
المسألة الثالثة : قراءة القرآن للجنب .
اختلف الناس في ذلك ، فذهب الجمهور إلىمنع ذلك ، وذهب قوم إلى إباحته .
السبب في ذلك الاحتمال المتطرق إلى حديث على أنه قال : كان عليه
الصلاة والسلام لا يمنعه من قراءة القرآن شئ إلا الجنابة وذلك أن قوما
قالوا : إن هذا لا يوجب شيئا ، لانه ظن من الراوي ، ومن أين يعلم أحد أن
ترك القراءة كان لموضع الجنابة إلا لو أخبره بذلك ؟ والجمهور رأوا أنه لم
يكن علي رضي الله عنه ليقول هذا عن توهم ولا ظن وإنما قاله عن تحقق .
وقوم جعلوا الحائض في هذا الاختلاف بمنزلة الجنب ، وقوم فرقوا
بينهما ، فأجازوا للحائض القراءة القليلة - استحسانا - لطول مقامها حائضا ،
وهو مذهب مالك .
فهذه هي أحكام الجنابة .
وأما أحكام الدماء الخارجة من الرحم : فالكلام المحيط بأصولها ينحصر في ثلاثة أبواب : الاول : معرفة أنواع الدماء الخارجة من الرحم .
والثاني : معرفة العلامات التي تد
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 43