اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 379
وأما الخيل فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة إلى أنها محرمة ، وذهب الشافعي وأبو يوسف ومحمد وجماعة إلى إباحتها .
والسبب في اختلافهم : في الحمر الانسية معارضة الآية المذكورة
للاحاديث الثابتة في ذلك من حديث جابر وغيره قال : نهى رسول الله ( ص ) يوم
خيبر عن لحوم الحمر الاهلية وأذن في لحوم الخيل فمن جمع بين الآية وهذا
الحديث حملها على الكراهية ، ومن رأى النسخ قال بتحريم الحمر أو قال
بالزيادة دون أن يوجب عنده نسخا ، وقد احتج من لم ير تحريمها بما روي عن
أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى قال أصبنا حمرا مع رسول الله ( ص )
بخيبر وطبخناها ، فنادى منادي رسول الله ( ص ) أن أكفئوا القدور بما فيها .
قال ابن إسحق : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال : إنما نهى عنها لانها كانت تأكل الجلة .
وأما اختلافهم في البغال : فسببه معارضة دليل الخطاب في قوله تعالى :
﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ﴾
وقوله مع أن ذلك في الانعام
﴿ لتركبوا منها ومنها تأكلون ﴾
للآية الحاصرة للمحرمات ، لانه يدل مفهوم الخطاب فيها أن المباح في البغال إنما هو الركوب مع قياس البغل أيضا على الحمار .
وأما سبب اختلافهم في الخيل : فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية
لحديث جابر ، ومعارضة قياس الفرس على البغل والحمار له ، لكن إباحة لحم
الخيل نص فيحديث جابر فلا ينبغي أن يعارض بقياس ولا بدليل خطاب .
وأما المسألة الثالثة : وهي اختلافهم في الحيوان المأمور بقتله في
الحرم وهي الخمس المنصوص عليها : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب
العقور فإن قوما فهموا من الامر بالقتل لها مع النهي عن قتل البهائم
المباحة الاكل ان العلة في ذلك هو كونها محرمة ، وهو مذهب الشافعي ، وقوما
فهموا من ذلك معنى التعدي لا معنى التحريم ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
وجمهور أصحابهما .
وأما الجنس الرابع : وهو الذي تستخبثه النفوس كالحشرات والضفادع
والسرطانات والسلحفاة وما في معناها ، فإن الشافعي حرمها ، وأباحها الغير ،
ومنهم من كرهها فقط .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في مفهوم ما ينطلق عليه اسم الخبائث في قوله تعالى :
﴿ ويحرم عليهم الخبائث ﴾
فمن رأى أنها المحرمات بنص الشرع لم يحرم من ذلك ما تستخبثه النفوس
مما لم يرد فيه نص ، ومن رأى أن الخبائث هي ما تستخبثه النفوس قال : هي
محرمة .
وأما ما حكاه أبو حامد عن الشافعي في تحريمه الحيوان المنهي عن قتله
كالخطاف والنحل زعم ، فإني لست أدري أين وقعت الآثار الواردة في ذلك ،
ولعلها في غير الكتب المشهورة عندنا .
وأ
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 379