اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 368
شرط قال : لا يصاد بجارح سوى الكلب ، ومن قاس على الكلب سائر
الجوارح ولم يشترط في الامساك الامساك على صاحبه قال : يجوز صيد سائر
الجوارح إذا قبلت التعليم .
وأما من استثنى من ذلك البازي فقط فمصيرا إلى ما روي عن عدي بن حاتم
أنه قال سألت رسول الله ( ص ) عن صيد البازي فقال : ما أمسك عليك فكل .
خرجه الترمذي .
فهذه هي أسباب اتفاقهم في أنواع الجوارح .
وأما الشروط المشترطة في الجوارح فإن منها ما اتفقوا عليه وهو التعليم بالجملة لقوله تعالى :
( وما علمتم من الجوارح مكلبيك )
وقوله عليه الصلاة والسلام إذا أرسلت كلبك المعلم واختلفوا في صفة
التعليم وشروطه ، فقال قوم : التعليم ثلاثة أصناف : أحدها : أن تدعو الجارح
فيجيب .
والثاني : أن تشليه فينشلي .
والثالث : أن تزجره فيزدجر .
ولا خلاف بينهم في اشتراط هذه الثلاثة في الكلب ، وإنما اختلفوا في
اشتراط الانزجار في سائر الجوارح ، فاختلفوا أيضا في هل من شرطه أن لا يأكل
الجارح ؟ فمنهم من اشترطه على الاطلاق ، ومنهم من اشترطه في الكلب فقط ،
وقول مالك : إن هذه الشروط الثلاثة شرط في الكلاب وغيرها ، وقال ابن حبيب
من أصحابه : ليس يشترط الانزجار فيما ليس يقبل ذلك من شرط الجوارح مثل
البزاة والصقور ، وهو مذهب مالك ، أعني أنه ليس من شرط الجارح لا كلب ولا
غيره أن لا يأكل ، واشترطه بعضهم في الكلب ولم يشترطه فيماعداه من جوارح
الطيور ، ومنهم من اشترطه كما قلنا في الكل ، والجمهور على جواأكل صيد
البازي والصقر وإن أكل ، لان تضريته إنما تكون بالاكل .
فالخلاف في هذا الباب راجع إلى موضعين : أحدهما : هل من شرط التعليم
أن ينزجر إذا زجر ؟ والثاني : هل من شرطه ألا يأكل ؟ وسبب الخلاف في
اشتراط الاكل أو عدمه شيئان : أحدهما : اختلاف الآثار في ذلك والثاني : هل
إذا أكل فهو ممسك أم لا ؟ فأما الآثار فمنها حديث عدي بن حاتم المتقدم وفيه
فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه والحديث المعارض
لهذا حديث أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله ( ص ) : إذا أرسلت كلبك
المعلم وذكرت اسم الله فكل ، قلت : وإن أكل منه يا رسول الله ؟ قال : وإن
أكل فمن جمع بين الحديثين بأن حمل حديث عدي بن حاتم على الندب وهذا على
الجوازقال : ليس من شرطه ألا يأكل ، ومن رجح حديث عدي بن خاتم إذ هو حديث
متفق عليه وحديث أبي ثعلبة مختلف فيه ، ولذلك لم يخرجه الشيخان البخاري
ومسلم ، وقال : من شرط الامساك أن لا يأكل بدليل الحديث المذكور قال : إن
أكل من الصيد لم يؤكل ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحق والثوري ،
وهو قول ابن عباس ورخص في أكل ما أكل الكلب كما قلنا مالك وسعيد بن مالك
وابن عمر وسليمان .
وقالت المالكية المتأخرة إنه ليس الاكل بدليل على أنه لم يمسك لسيده ولا الامساك لسيده بشرط في الذكاة ، لان نية
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 368