اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 36
أحد مذهبين : إما مذهب الترجيح ، أو النسخ ، وإما مذهب الجمع ،
فمن رجح حديث بسرة ، أو رآه ناسخا لحديث طلق بن علي ، قال : بإيجاب الوضوء
من مس الذكر ، ومن رجح حديث طلق بن علي أسقط وجوب الوضوء من مسه ، ومن رام
أن يجمع بين الحديثين أوجب الوضوء منه في حال ، ولم يوجبه في حال ، أو حمل
حديث بسر على الندب ، وحديث طلق بن علي على نفي الوجوب ، والاحتجاجات التي
يحتج بها كل واحد من الفريقين في ترجيح الحديث الذي رجحه كثيرة يطول ذكرها ،
وهي موجودة في كتبهم ، ولكن نكتة اختلافهم هو ما أشرنا إليه .
المسألة الخامسة : اختلف الصدر الاول في إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار ، لاختلاف الاثار الواردة في ذلك عن رسول الله ( ص ) .
واتفق جمهور فقهاء الامصار بعد الصدر الاول على سقوطه ، إذ صح عندهم
أنه كان آخر الامرين من رسول الله ( ص ) ترك الوضوء مما مست النار خرجه
أبو داود .
ولكن ذهب قوم من أهل الحديث أحمد وإسحاق ، وطائفة غيرهم أن الوضوء
يجب فقط من أكل لحم الجزور لثبوت الحديث الوارد بذلك عنه عليه الصلاة
والسلام .
المسألة السادسة : شذ أبو حنيفة ، فأوجب الوضوء من الضحك في الصلاة
لمرسل أبيالعالية ، وهو أن قوما ضحكوا في الصلاة ، فأمرهم النبي ( ص )
بإعادة الوضوء ، والصلاة ورد الجمهور هذا الحديث ، لكونه مرسلا ، ولمخالفته
للاصول ، وهو أن يكون شئ ما ينقض الطهارة في الصلاة ، ولا ينقضها في غير
الصلاة ، وهو مرسل صحيح .
المسألة السابعة : وقد شذ قوم فأوجبوا الوضوء من حمل الميت وفيه أثر ضعيف : من غسل ميتا ، فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ .
وينبغي أن تعلم أن جمهور العلماء أوجبوا الوضوء من زوال العقل بأي
نوع كان من قبل إغماء ، أو جنون ، أو سكر ، وهؤلاء كلهم قاسوه على النوم ،
أعني أنهم رأوا أنه إذا كان النوم يوجب الوضوء في الحالة التي هي سبب للحدث
غالبا ، وهو الاستثقال ، فأحرى أن يكون ذهاب العقل سببا لذلك ، فهذه هي
مسائل الباب المجمع عليها ، والمشهورات من المختلف فيها ، وينبغي أن نصير
إلى الباب الخامس .
الباب الخامس وهو معرفة الافعال التي تشترط هذه الطهارة في فعلها والاصل في هذا الباب قوله تعالى :
﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ﴾
الاية .
وقوله عليه الصلاة والسلام : لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 36