اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 346
المسألة الاولى : أجمع العلماء على جواز الضحايا من جميع بهيمة الانعام ، واختلفوا في الافضل من ذلك .
فذهب مالك إلى أن الافضل في الضحايا : الكباش ثم البقر ثم الابل ،
بعكس الامر عنده في الهدايا ، وقد قيل عنه : الابل ثم البقر ثم الكباش ،
وذهب الشافعي إلى عكس ما ذهب إليه مالك في الضحايا : الابل ثم البقر ثم
الكباش ، وبه قال أشهب وابن شعبان .
وسبب اختلافهم : معارضة القياس لدليل الفعل ، وذلك أنه لم يرو عنه
عليه الصلاة والسلام أنه ضحى إلا بكبش ، فكان ذلك دليلا على أن الكباش في
الضحايا أفضل ، وذلك فيما ذكر بعض الناس ، وفي البخاري عن ابن عمر ما يدل
علخلاف ذلك وهو أنه قال : كان رسول الله ( ص ) يذبح وينحر بالمصلى وأما
القياس فلان الضحايا قربة بحيوان فوجب أن يكون الافضل فيها الافضل في
الهدايا ، وقد احتج الشافعي لمذهبه بعموم قوله عليه الصلاة والسلام : من
راح في الساعة الاولى فكأنمقرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب
بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا الحديث ، فكان الواجب حمل
هذا على جميع القرب بالحيوان .
وأما مالك فحمله على الهدايا فقط لئلا يعارض الفعل القول وهو الاولى .
وقد يمكن أن يكون لاختلافهم سبب آخر ، وهو هل الذبح العظيم الذي فدى
به إبراهيم سنة باقية إلى اليوم وأنها الاضحية ، وأن ذلك معنى قوله -
تعالى -
﴿ وتركنا عليه في الآخرين ﴾
فمن ذهب إلى هذا قال : الكباش أفضل ، ومن رأى أن ذلك ليست سنة باقية
لم يكن عنده دليل على أن الكباش أفضل ، مع أنه قد ثبت أن رسول الله ( ص )
ضحى بالامرين جميعا .
وإذا كان ذلك كذلك فالواجب المصير إلى قول الشافعي ، وكلهم مجمعون
على أنه لا تجوز الضحية بغير بهيمة الانعام إلا ما حكي عن الحسن بن الصالح
أنه قال : تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة ، والظبي عن واحد .
المسألة الثانية : أجمع العلماء على اجتناب العرجاء البين عرجها في
الضحايا والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى مصيرا لحديث البراء بن
عازب أن رسول الله ( ص ) سئل ماذا ينقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال :
أربع - وكان البراء يشير بيده ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله ( ص ) -
العرجاء البين عرجها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ،
والعجفاء التي لا تنقى وكذلك أجمعوا على أن ما كان من هذه الاربع خفيفا فلا
تأثير له في منع الاجزاء .
واختلفوا في موضعين : أحدهما : فيما كان من العيوب أشد من هذه
المنصوص عليها مثل العمى وكسر الساق ، والثاني : فيما كان مساويا لهافي
إفادة النقص وشينها ، أعني ما كان من العيوب في الاذن والعين والذنب والضرس
وغير
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 346