responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 344

سبيل من سبل البر أنه يلزمه وأنه ليس ترفعه الكفارة وذلك إذا كان نذرا على جهة الخبر على جهة الشرط وهو الذي يسمونه يمينا .

واختلفوا فيمن نذر ذلك على جهة الشرط مثل أن يقول : مالي للمساكين إن فعلت كذا ففعله ، فقال قوم ذلك لازم كالنذر على جهة الخبر ولا كفارة فيه وهو مذهب مالك في النذور التي صيغها هذه الصيغة .

أعني أنه لا كفارة فيه وقال قوم : الواجب في ذلك كفارة يمين فقط .

وهو مذهب الشافعي في النذور التي مخرجها مخرج الشرط لانه ألحقها بحكم الايمان .

وأما مالك فألحقها بحكم النذور على ما تقدم من قولنا في كتاب الايمان ، والذين اعتقدوا وجوب إخراج ماله في الموضع الذي اعتقدوه اختلفوا في الواجب عليه ، فقال مالك : يخرج ثلث ماله فقط .

وقال قوم : بل يجب عليه إخراج جميع ماله ، وبه قال إبراهيم النخعي وزفر ، وقال أبو حنيفة : يخرج جميع الاموال التي تجب الزكاة فيها ، وقال بعضهم : إن أخرج مثل زكاة ماله أجزأه .

وفي المسألة قول خامس : وهو إن كان المال كثيرا أخرج خمسه وإن كان وسطا أخرج سبعه وإن كان يسيرا أخرج عشره ، وحد هؤلاء الكثير بألفين ، والوسط بألف ، والقليل بخمسمائة ، وذلك مروي عن قتادة .

والسبب في اختلافهم : في هذه المسألة ، أعني من قال المال كله أو ثلثه معارضة الاصل في هذا الباب للاثر ، وذلك أن ما جاء في حديث أبي لبابة بن عبد المنذر حين تاب الله عليه وأراد أن يتصدق يجميع ماله ، فقال رسول الله ( ص ) : يجزيك من ذلك الثلثهو نص في مذهب مالك .

وأما الاصل فيوجب أن اللازم له إنما هو جميع ماله حملا على سائر النذر ، أعني أنه يجب الوفاء به على الوجه الذي قصده .

لكن الواجب هو استثناء هذه المسألة من هذه القاعدة ، إذ قد استثناها النص ، إلا أن مالكا لم يلزم في هذه المسألة أصله ، وذلك أنه قال : إن حلف أو نذر شيئا معينا لزمه وإن كان كل ماله ، وكذلك يلزم عنده إن عين جزءا من ماله وهو أكثر من الثلث ، وهذا مخالف لنص ما رواه في حديث أبي لبابة وفي قول رسول الله ( ص ) للذي جاء بمثل بيضة من ذهب فقال : أصبت هذا من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها ، فأعرض عنه رسول الله ( ص ) ، ثم جاءه عن يمينه ثم عن يساره ثم من خلفه ، فأخذها رسول الله ( ص ) فحذفه بها ، فلو أصابه بها لاوجعه ، وقال عليه الصلا والسلام : يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس ، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وهذا نص في أنه لا يلزم المال المعين إذا تصدق به وكان جميع ماله ، ولعل مالكا لم تصح عنده هذه الآثار .

وأما سائر الاقاويل التي قيلت في هذه المسألة فضعاف ، وبخاصة من حد في ذلك غير الثلث ، وهذا القدر كاف في أصول هذا الكتاب ، والله الموفق للصواب .

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست