responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 34

الهيئة ، فلم يشترط في الهيئة التي يكون منها خروج الحدث غالبا لا الطول ولا الاستثقال ، واشترط ذلك في الهيئات التي لا يكون خروج الحدث منها غالبا .

المسألة الثالثة : اختلف العلماء في إيجاب الوضوء من لمس النساء باليد ، أو بغير ذلك من الاعضاء الحساسة ، فذهب قوم إلى : أن من لمس امرأة بيده مفضيا إليها ليس بينها وبينه حجاب ، ولا ستر ، فعليه الوضوء ، وكذلك من قبلها ، لان القبلة عندهم لمس ما ، سواء التذ أو لم يلتذ ، وبهذا القول قال الشافعي وأصحابه إلا أنه مرة فرق بين اللامس والملموس ، فأوجب الوضوء على اللامس دون الملموس ، ومرة سوى بينهما ،ومرة فرق أيضا بين ذوات المحارم والزوجة فأوجب الوضوء على من لمس الزوجة دون ذوات المحارم ومرة سوى بينهما .

وذهب آخرون إلى إيجاب الوضوء من اللمس إذا فارقته اللذة ، أو قصد اللذة في تفصيل لهم في ذلك ، وقع بحائل أو بغير حائل بأي عضو اتفق ما عدا القبلة ، فإنهم لم يشترطوا لذة في ذلك وهو مذهب مالك وجمهور أصحابه ونفى قوم إيجاب الوضوء لمن لمس النساء ، وهو مذهب أبي حنيفة ولكل سلف من الصحابة إلا اشتراط اللذة ، فإني لا أذكر أحدا من الصحابة اشترطها .

وسبب اختلافهم : في هذه المسألة اشتراك اسم اللمس في كلام العرب .

فإن العرب تطلقه مرة على اللمس الذي هو باليد ، ومرة تكني به عن الجماع فذهب قوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة في آية الوضوء هو الجماع في قوله تعالى :

( أو لامستم النساء

وذهب آخرون إلى أنه اللمس باليد .

ومن هؤلاء من رآه من باب العام ، أريد به الخاص ، فاشترط فيه اللذة ، ومنهم من رآه من باب العام أريد به العام ، فلم يشترط اللذة فيه ومن اشترط اللذة فإنما دعاه إلى ذلك ما عارض عموم الاية من أن النبي ( ص ) كان يلمس عائشة عند سجوده بيده ، وربما لمسته ، وخرج أهل الحديث حديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي ( ص ) : أنه قبل بعض نسائه ، ثم خرج إلى الصلاة ، ولم يتوضأ ، فقلت : من هي إلا أنت ؟ فضحكت .

قال أبو عمر هذا الحديث وهنه الحجازيون ، وصححه الكوفيون ، وإلى تصحيحه مال أبو عمر بن عبد البر قال : وروي هذا الحديث أيضا من طريق معبد بن نباتة ، وقال الشافعي : إن ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها ، ولا في اللمس وضوءا .

وقد اجتمع من أوجب الوضوء من اللمس باليد بأن اللمس ينطلق حقيقة على اللمس باليد .

وينطلق مجازا على الجماع وأنه إذا تردد اللفظ بين الحقيقة والمجاز ، فالاولى أن يحمل على الحقيقة حتى يدل الدليل على المجاز ، ولاولئك أن يقولوا : إن المجاز إذا كثر استعماله كان أدل على المجاز منه على الحقيقة كالحال في

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست