responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 334

فليفعل بعضه ، فعند مالك إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف فأكل بعضه لا يبرأ إلا بأكله كله ، وإذا قال : لا آكل هذا الرغيف أنه يحنث إن أكل بعضه ، وعند الشافعي وأبي حنيفة أنه لا يحنث في الوجهين جميعا حملا على الاخذ بأكثر ما يدل عليه الاسم .

وأما تفريق مالك بين الفعل والترك فلم يجر في ذلك على أصل واحد لانه أخذ في الترك بأقل ما يدل عليه الاسم وأخذ في الفعل بجميع ما يدل عليه الاسم ، وكأنه ذهب إلى الاحتياط .

وأما المسألة الثالثة : فمثل أن يحلف على شئ بعينه يفهم منه القصد إلى معنى أعم من ذلك الشئ الذي لفظ به أو أخص ، أو يحلف على شئ وينوي به معنى أعم أو أخص ، أو يكون للشئ الذي حلف عليه اسمان أحدهما لغوي والآخر عرفي وأحدهما أخص من الآخر .

وأما إذا حلف على شئ بعينه فإنه لا يحنث عند الشافعي وأبي حنيفة إلا بالمخالفة الواقعة في ذلك الشئ بعينه الذي وقع عليه الحلف وإن كان المفهوم منه معنى أعم أو أخص من قبلالدلالة العرفية .

وكذلك أيضا فيم أحسب لا يعتبرون النية المخالفة للفظ ، وإنما يعتبرون مجرد الالفاظ فقط .

وأما مالك فإن المشهور من مذهبه أن المعتبر أولا عنده في الايمان التي لا يقضى على حالفها هو النية ، فإن عدمت فقرينة الحال فإن عدمت فعرف اللفظ ، فإن عدم فدلالة اللغة ، وقيل لا يراعى إلا النية أو ظاهر اللفظ اللغوي فقط ، وقيل يراعى النية وبساط الحال ولا يراعى العرف .

وأما الايمان التي يقضى بها على صاحبها فإنه إن جاء الحالف مستفتيا كان حكمه حكم اليمين التي لا يقضى بها على صاحبها من مراعاة هذه الاشياء فيها على هذا الترتيب وإن كان مما يقضى بها عليه لم يراع فيها إلا اللفظ إلا أن يشهد لما يدعي من النية المخالفة لظاهر اللفظ قرينة الحال أو العرف .

وأما المسألة الرابعة : فإنهم اتفقوا على أن اليمين على نية المستحلف في الدعاوى واختلفوا في غير ذلك مثل الايمان على المواعيد ، فقال قوم : على نية الحالف ، وقال قوم : على نية المستحلف .

وثبت أن رسول الله ( ص ) قال : اليمين على نية المستحلف وقال عليه الصلاة والسلام : يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك خرج هذين الحديثين مسلم .

ومن قال : اليمين على نية الحالف ، فإنما اعتبر المعنى القائم بالنفس من اليمين لا ظاهر اللفظ .

وفي هذا الباب فروع كثيرة ، لكن هذه المسائل الاربع هي أصول هذا الباب إذ يكاد أن يكون جميع الاختلا ف الواقع في هذا الباب راجعا إلى الاختلاف في هذه ، وذلك في الاكثر مثل اختلافهم فيمن حلف أن لا يأكل رؤوسا فأكل رؤوس حيتان هل يحنث أم لا ؟ فمن راعى العرف قال لا يحنث ، ومن راعى دلالة اللغة قال يحنث .

ومثل اختلافهم فيمن حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما ، فمن اعتبر دلالة اللفظ الحقيقي قال لا يحنث ، ومن رأى أن اسم الشئ قد ينطلق على ما يتولد منه قال يحنث .

بالجملة فاختلافهم في المسائل الفروعية التي في هذا الباب هي راجعة إلى

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 334
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست