اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 332
إن شاء الله فدل هذا أن الاستثناء حال لليمين لا مانع لها من الانعقاد .
قالوا : ومن الدليل على أنه حال بالقرب أنه لكان حالا بالبعد على ما رواه ابن عباس لكان الاستثناء يغني عن الكفارة .
والذقالوه بين .
وأما اشتراط النطق باللسان فإنه اختلف فيه ، فقيل لا بد فيه من
اشتراط اللفظ أي لفظ كان من ألفاظ الاستثناء وسواء أكان بألفاظ الاستثناء
أو بتخصيص العموم أو بتقييد المطلق ، هذا هو المشهور .
وقيل إنما ينفع الاستثناء بالنية بغير لفظ في حرف إلا فقط : أي بما يدل عليه لفظ إلا وليس ينفع ذلك فيما سواه من الحروف .
وهذه التفرقة ضعيفة .
والسبب في هذا الاختلاف : هو هل تلزم العقود اللازمة بالنية فقط دون
اللفظ أو باللفظ والنية معا مثل الطلاق والعتق واليمين وغير ذلك .
وأما المسألة الثانية : وهي هل تنفع النية الحادثة في الاستثناء بعد
انقضاء اليمين ؟ فقيل أيضا في المذهب إنها تنفع إذا حدثت متصلة باليمين ،
وقيل بل إذا حدثت قبل أن يتم النطق باليمين .
وقيل بل استثناء على ضربين : استثناء من عدد ، واستثناء من عموم
بتخصيص أو من مطلق بتقييد ، فالاستثناء من العدد لا ينفع فيه إلا حدوث
النية قبل النطق باليمين ، والاستثناء من العموم ينفع فيه حدوث النية بعد
اليمين إذا وصل الاستثناء نطقا باليمين .
وسبب اختلافهم : هل الاستثناء مانع للعقد أو حال له ؟ فإن قلنا إنه
مانع فلا بد من اشتراط حدوث النية في أول اليمين ، وإن قلنا إنه حال لم
يلزم ذلك ، وقد أنكر عبد الوهاب أن يشترط حدوث النية في أول اليمين للاتفاق
وزعم على أن الاستثناء حال لليمين كالكفارة سواء .
الفصل الثاني من القسم الاول في تعريف الايمان التي يؤثر فيها الاستثناء
وغيرها وقد اختلفوا في الايمان التي يؤثر فيها استثناء مشيئة الله من التي لا يؤثر فيها .
فقال مالك وأصحابه : لا تؤثر المشيئة إلا في الايمان التي تكفر وهي اليمين بالله عندهم أو النذر المطلق على ما سيأتي .
وأما الطلاق والعتاق فلا يخلو أن يعلق الاستثناء في ذلك بمجرد
الطلاق أو العتق فقط مثل أن يقول : هي طالق إن شاء الله أو عتيق إن شاء
الله .
وهذه ليست عندهم يمينا .
وإما أن يعلق الطلاق بشرط من الشروط مثل أن يقول : إن كانكذا فهي طالق إن شاء الله ، أو إن كان كذا فهو عتيق إن شاء الله .
فأما القسم الاول : فلا خلاف في المذهب أن المشيئة غير مؤثرة فيه .
وأما القسم الثاني : وهو اليمين بالطلاق ففي المذهب فيه قولان
أصحهما إذا صرف الاستثناء إلى الشرط الذي علق به الطلاق صح وإن صرفه إلى
نفس الطلاق لم يصح ، قال أبو حنيفة والشافعي : الاستثناء يؤثر في ذلك كله
سواء قرنه بالقول الذي مخرجه الشرط ، أو بالقول الذي مخرجه مخرج
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 332