اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 329
المسألة الاولى : اختلفوا في الايمان بالله المنعقدة هل يرفع
جميعها الكفارة سواء أكان حلفا على شئ ماض أنه كان فلم يكن وهي التي تعرف
باليمين الغموس ، وذلك إذا تعمد الكذب ، أو على شئ مستقبل أنه يكون من قبل
الحالف أو من قبل من هو بسببه فلم يكن ، فقال الجمهور : ليس في اليمين
الغموس كفارة ، وإنما الكفارة في الايمان التي تكون في المستقبل إذا خالف
اليمين الحالف ، وممن قال بهذا القول مالك وأبو حنيفة وأحمبن حنبل .
وقال الشافعي وجماعة : يجب فيها الكفارة أي تسقط الكفارة الاثم فيها كما تسقطه في غير الغموس .
وسبب اختلافهم : معارضة عموم الكتاب للاثر ، وذلك أن قوله تعالى :
﴿ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان ، فكفارته إطعام عشرة مساكين ﴾
الآية توجب أن يكون في اليمين الغموس كفارة لكونها من الايمان
المنعقدة ، وقوله عليه الصلاة والسلام : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم
الله عليه الجنة وأوجب له النار يوجب أن اليمين الغموس ليس فيها كفارة ،
ولكن للشافعي أن يستثني من الايمان الغموس ما لا يقتطع بها حق الغير ، وهو
الذي ورد فيه النص ، أو يقول : إن الايمان التي يقتطع بها حق الغير قد جمعت
الظلم والحنث ، فوجب ألا تكون الكفارة تهدم الامرين جميعا ، أو ليس يمكن
فيها أن تهدم الحنث دون الظلم لان رفع الحنث بالكفارة إنما هو من باب
التوبة ، وليس تتبعض التوبة في الذنب الواحد بعينه ، فإن تاب ورد المظلمة
وكفر سقط عنه جميع الاثم .
المسألة الثانية : واختلف العلماء فيمن قال : أنا كافر بالله أو
مشرك بالله أو يهودي أو نصراني إن فعلت كذا ثم يفعل ذلك ، هل عليه كفارة أم
لا ؟ فقال مالك والشافعي : ليس عليه كفارة ولا هذه يمين ، وقال أبو حنيفة :
هي يمين وعليه فيها الكفارة إذا خالف اليمين وهو قول أحمد بن حنبل أيضا .
وسبب اختلافهم : هو اختلافهم في هل يجوز اليمين بكل ما له حرمة أم
ليس يجوز إلا بالله فقط ؟ ثم إن وقعت فهل تنعقد أم لا ؟ فمن رأى أن الايمان
المنعقدة : أعني التي هي بصيغ القسم إنما هي الايمان الواقعة بالله عزوجل
وبأسمائه قال : لا كفارة فيها إذ ليست بيمين ، ون رأى أن الايمان تنعقد بكل
ماعظم الشرع حرمته قال : فيها الكفارة ، لان الحلف بالتعظيم كالحلف بترك
التعظيم ، وذلك أنه كما يجب التعظيم يجب أن لا يترك التعظيم ، فكما أن من
حلف بوجوب حق الله عليه لزمه ، كذلك من حلف بترك وجوبه لزمه .
المسألة الثالثة : واتفق الجمهور في الايمان التي ليست إقساما بشئ
وإنما تخرج مخرج الالزام الواقع بشرط من الشروط ، مثل أن يقول القائل : فإن
فعلت كذا فعلي مشي إلى
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 329