اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 30
مما اتفق الصحاح على تخريجه ، ولم يكن عنده فرق بين أن يغتسلا ،
لان المغتسلين معا كواحد منهما مغتسل بفضل صاحبه ، وصحح حديث ميمونة مع هذا
الحديث ، ورجحه علحديث الغفاري ، فقال : بطهر الاسآر على الاطلاق .
وأما من رجح حديث الغفاري على حديث وحديث اغتسال النبي عليه الصلاة
والسلام مع أزواجه من إناء واحد بأن فرق بين الاغتسال معا ، وبين أن يغتسل
أحدهما بفضل الاخر .
وعمل على هذين الحديثين فقط ، أجاز للرجل أن يتطهر مع المرأة من
إناء واحد ، ولم يجز أن يتطهر هو من فضل طهرها ، وأجاز أن تتطهر هي من فضل
طهره .
وأما من ذهب مذهب الجمع بين الاحاديث كلها ما خلا حديث ميمونة ، فإنه أخذ بحديث عبد الله بن سرجس .
لانه يمكن أن يجتمع عليه حديث الغفاري ، وحديث غسل النبي ( ص ) مع
أزواجه من إناء واحد ، ويكون فيه زيادة ، وهي ألا تتوضأ المرأة أيضا بفضل
الرجل .
لكن يعارضه حديث ميمونة ، وهو حديث خرجه مسلم ، لكن قد علله كما
قلنا بعض الناس من أن بعض رواته قال فيه : أكثر ظني ، وأكثر علمي أن أبا
الشعثاء حدثني .
وأما من لم يجز لواحد منهما أن يتطهر بفضلصاحبه ولا يشرعان معا ،
فلعله لم يبلغه من الاحاديث إلا حديث الحكم الغفاري ، وقاس الرجل على
المرأة ، وأما من نهى عن سؤر المرأة الجنب ، والحائض فقط ، فلست أعلم له
حجة ، إلا أنه مروي عن بعض السلف أحسبه عن ابن عمر .
المسألة السادسة : صار أبو حنيفة من بين معظم أصحابه ، وفقهاء
الامصار إلى إجازة الوضوء بنبيذ التمر في السفر لحديث ابن عباس : أن ابن
مسعود خرج مع رسول الله ( ص ) ليلة الجن فسأله رسول الله ( ص ) فقال : هل
معك من ماء ؟ فقال : معي نبيذ في إداوتي ، فقال رسول الله ( ص ) : اصبب ،
فتوضأ به وقال شراب وطهور وحديث أبي رافع مولى ابن عمر عن عبد الله ابن
مسعود بمثله ، وفيه فقال رسول الله ( ص ) : ثمرة طيبة وماء طهور وزعموا أنه
منسوب إلى الصحابة علي وابن عباس ، وأنه لا مخالف لهم من الصحابة فكان
كالاجماع عندهم .
ورد أهل الحديث هذا الخبر ولم يقبلوه لضعف رواته ، ولانه قد روي من
طرق أوثق من هذه الطرق أن ابن مسعود لم يكن مع رسول الله ( ص ) ليلة الجن .
واحتج الجمهور لرد هذا الحديث بقوله تعالى :
﴿ فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ﴾
قال فلم يجعل ها هنا وسطا بين الماء والصعيد ، وبقوله عليه الصلاة
والسلام : الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء إلى عشر حجيج ، فإذا
وجد الماء ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 30