اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 288
مع النسيان فلا حجة له ، إلا أن يشبه الجزاء عند إتلاف الصيد بإتلاف الاموال ، فإن الاموال عند الجمهور تضمن خطا ونسيانا .
لكن يعارض هذا القياس اشتراط العمد في وجوب الجزاء ، فقد أجاب بعضهم
عن هذا : أي العمد إنما اشترط لمكان تعلق العقاب المنصوص عليه في قوله
تعالى :
﴿ ليذوق وبال أمره ﴾
وذلك لا معنى له لان الوبال المذوق هو في الغرامة فسواء قتله مخطئا
أو متعمدا قد ذاق الوبال ، ولا خلاف أن الناسي غير معاقب ، وأكثر ما تلزم
هذه الحجة لمن كان من أصله أن الكفارات لا تثبت بالقياس ، فإنه لا دليل لمن
أثبتها على الناسي إلا القياس .
وأما اختلافهم في المثل هل هو الشبيه أو المثل في القيمة ، فإن سبب
الاختلاف أن المثل يقال على الذي هو مثل وعلى الذي هو مثل في القيمة ، لكن
حجة من رأى أن الشبيه أقوى من جهة دلالة اللفظ أن انطلاق لفظ المثل على
الشبيه في لسان العرب أظهر ، وأظهر منه على المثل في القيمة ، لكن لمن حمل
ههنا المثل على القيمة دلائل حركته إلى اعتقاد ذلك : أحدها أن المثل الذي
هو العدل هو منصوص عليه في الاطعام والصيام .
وأيضا فإن المثل إذا حمل ههنا على التعديل كان عاما في جميع الصيد ،
فإن من الصيد ما لا يلقى له شبيه ، وأيضا فإن المثل فيما لا يوجد له شبيه
هو التعديل ، وليس يوجد للحيوان المصيد في الحقيقة شبيه إلا من جنسه ، وقد
نص أن المثل الواجب فيه هو من غير جنسه ، فوجب أن يكون مثله في التعديل
والقيمة ، وأيضا فإن الحكم في الشبيه قد فرغ منه .
فأما الحكم بالتعديل فهو شئ يختلف باختلاف الاوقات ،ولذلك هو كل وقت
يحتاج إلى الحكمين المنصوص عليهما ، وعلى هذا يأتي التقدير في الآية
بمشابه ، فكأنه قال : ومن قتله منكم متعمدا فعليه قيمة ما قتل من النعم أو
عدل القيمة طعاما أو عدل ذلك صياما .
وأما اختلافهم هل المقدر هو الصيد أو مثله من النعم إذا قدر بالطعام
، فمن قال المقدر هو الصيد قال : لانه الذي لما لم يوجد مثله رجع إلى
تقديره بالطعام ، ومن قال إن المقدر هو الواجب من النعم قال : لان الشئ
إنما تقدر قيمته إذا عدم بتقدير مثله أعني شبيه .
وأما من قال إن الآية على التخيير فإنه التفت إلى حرف أو إذ كان مقتضاها في لسان العرب التخيير .
وأما من نظر إلى ترتيب الكفارات في ذلك فشبهها في الكفارات التي فيها الترتيب باتفاق ، وهي كفارة الظهار والقتل .
وأما اختلافهم في هل يستأنف الحكم في الصيد الواحد الذي قد وقع الحكم فيه من الصحابة .
فالسبب في اختلافهم : هو هل الحكم شرعي غير معقول المعنى أم هذا
معقول المعنى ؟ فمن قال هو معقول المعنى قال : ما قد حكم فيه فليس يوجد شئ
أشبه به منه ، مثل النعامة فإنه لا يوجد أشبه بها من البدنة فلا معنى
لاعادة الحكم ، ومن قال
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 288