اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 285
كل شئ قبل أن يطو ف بالبيت ، وقبل أن يصل إليه الهدي ، ثم لم
يعلم أن رسول الله ( ص ) أمر أحدا من الصحابة ولا ممن كان معه أن يقضي شيئا
ولا أن يعود لشئ وعمدة من أوجب عليه الاعادة أن رسول الله ( ص ) اعتمر في
العام المقبل من عام الحديبية قضاء لتلك العمرة ولذلك قيل لها عمرة القضاء .
وإجماعهم أيضا على أن المحصر بمرض أو ما أشبهه عليه القضاء .
فسبب الخلاف هو هل قضى رسول الله ( ص ) أو لم يقض ؟ وهل يثبت القضاء
بالقياس أم لا ؟ وذلك أن جمهور العلماء على أن القضاء يجب بأمر ثان غير
أمر الاداء .
وأما من أوجب عليه الهدي فبناء على أن الآية وردت في المحصر بالعدو ،
أو على أنها عامة لان الهدي فيها نص ، وقد احتج هؤلاء بنحر النبي ( ص )
وأصحابه الهدي عام الحديبية حين أحصروا .
وأجاب الفريق الآخر أن ذلك الهدي لم يكن هدي تحلل ، وإنما كان هديا
سبق ابتداء ، وحجة هؤلاء أن الاصل هو أن لا هدي عليه إلا أن يقوم الدليل .
وأما اختلافهم في مكان الهدي عند من أوجبه فالاصل فيه اختلافهم في
موضعنحر رسول الله ( ص ) هديه عام الحديبية ، فقال ابن إسحاق : نحره في
الحرم ، وقال غيره : إنما نحره في الحل ، واحتج بقوله تعالى :
﴿ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ﴾
وإنما ذهب أبو حنيفة إلى أن من أحصر عن الحج أن عليه حجا وعمرة لان
المحصر قد فسخ الحج في عمرة ولم يتم واحدا منهما ، فهذا هو حكم المحصر بعدو
عند الفقهاء .
وأما المحصر بمرض ، فإن مذهب الشافعي وأهل الحجاز أنه لا يحله إلا
الطواف بالبيت والسعي مابين الصفا والمروة ، وأنه بالجملة يتحلل بعمرة ،
لانه إذا فاته الحج بطول مرضه انقلب عمرة ، وهو مذهب ابن عمر وعائشة وابن
عباس وخالف في ذلك أهل العراق فقالوا : يحل مكانه وحكمه حكم المحصر بعدو ،
أعني أن يرسل هديه ويقدر يوم نحره ويحل في اليوم الثالث وبه قال ابن مسعود .
واحتجوا بحديث الحجاج بن عمرو الانصاري قال : سمعت رسول الله ( ص )
يقول : من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى وبإجماعهم على أن المحصر بعدو
ليس من شرط إحلاله الطواف بالبيت .
والجمهور على أن المحصر بمرض عليه الهدي .
وقال أبو ثور وداود : لا هدي عليه اعتمادا على ظاهر هذا المحصر .
وعلى أن الآية الواردة في المحصر هو حصر العدو ، وأجمعوا على إيجاب
القضاء عليه ، وكل من فاته الحج بخطأ من العدد في الايام أو بخفاء الهلال
عليه أو غير ذلك من الاعذار فحكمه حكم المحصر بمرض عند مالك .
وقال أبو حنيفة : من فاته الحج بعذر غير المرض يحل بعمرة ولا هدي
عليه ، وعليه إعادة الحج ، والمكي المحصر بمرض عند مالك كغير المكي يحل
بعمرة وعليه
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 285