اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 276
فوجب أن يكون الامر كذلك إذا اجتمعا .
فهذا هو القول في وجوب هذا الفعل وصفته وشروطه وعدده ووقته وصفته ،
والذي يتلو هذا الفعل من أفعال الحج - أعني طواف القدوم - هو السعي بين
الصفا والمروة وهو الفعل الثالث للاحرام فلنقل فيه .
القول في السعي بين الصفا والمروة والقول في السعي وحكمه وفصفته وفي شروطه وفي ترتيبه
القول في حكمه
: أما حكمه ، فقال مالك والشافعي ، هو واجب ، وإن لم يسع كان عليه حج قابل ، وبه قال أحمد وإسحاق .
وقال الكوفيون : سنة ، وإذا رجع إلى بلاده ولم يسع كان عليه دم .
وقال بعضهم : هو تطوع ولا شئ على تاركه ، فعمدة من أوجبه ما روي أن
رسول الله ( ص ) كان يسعى ويقول : اسعوا فإالله كتب عليكم السعي روى هذا
الحديث الشافعي عن عبد الله بن المؤمل ، وأيضا فإن الاصل أن أفعاله عليه
الصلاة والسلام في هذه العبادة محمولة على الوجوب ، إلا ما أخرجه الدليل من
سماع أو إجماع أو قياس عند أصحاب القياس .
وعمدة من لم يوجبه قوله تعالى :
﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ﴾
قالوا : إن معناه أن لا يطوف وهي قراءة ابن مسعود ، وكما قال سبحانه
﴿ يبين الله لكم أن تضلوا ﴾
معناه : أي لئلا تضلوا ، وضعفوا حديث ابن المؤمل .
وقالت عائشة : الآية على ظاهرها وإنما نزلت في الانصار تحرجوا أن
يسعوا بين الصفا والمروة على ما كانوا يسعون عليه في الجاهلية لانه كان
موضع ذبائح المشركين ، وقد قيل إنهم كانوا لا يسعون بين الصفا والمروة
تعظيما لبعض الاصنام ، فسألوا عن ذلك فنزلت هذه الآية مبيحة لهم وإنما صار
الجمهور إلى أنها من أفعال الحج ، لانها صفة فعله ( ص ) تواترت بذلك الآثار
، أعني وصل السعي بالطواف .
القول في صفته
: وأما صفته فإن جمهور العلماء على أن من سنة السعي بين الصفا
والمروة أن ينحدر الراقي على الصفا بعد الفراغ من الدعاء ، فيمشي على جبلته
حتى يبلغ بطن المسيل فيرمل فيه حتى يقطعه إلى ما يلي المروة ، فإذا قطع
ذلك وجاوزه مشى على سجيته حتى يأتي المروة فيرقى عليها حتى يبدو له البيت
ثم يقول عليها نحوا مما قاله من الدعاء والتكبير على الصفا ، وإن وقف أسفل
المروة أجزأه عند جميعهم ، ثم ينزل عن المروة فيمشي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 276