اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 270
( ص ) هدي ، ويبعد أن يأمر بالقران من معه هدي ، ويكون معه هدي ولا يكون قارنا .
وحديث مالك أيضا عن نافع عن ابن عمر عن حفصة عن النبي ( ص ) أنه قال
: إني قلدت هديي ، ولبدت رأسي ، فلا أحل حتى أنحر هديي وقال أحمد : لا أشك
أن رسول الله ( ص ) كان قارنا ، والتمتع أحب إلي ، واحتج في اختياره بقوله
عليه الصلاة والسلام لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ،
ولجعلتها عمرة .
واحتج من طريق المعنى من رأى أن الافراد الافضل أن التمتع ، والقران رخصة ، ولذلك وجب فيهما الدم .
وإذ قلنا في وجوب هذا النسك وعلى من يجب ، وما شروط وجوبه ، ومتى
يجب ، وفي أي وقت يجب ، ومن أي مكان يجب ، وقلنا بعد ذلك فيما يجتنبه
المحرم بما هو محرم ، ثم قلنا أيضا في أنواع هذا النسك ، يجب أن نقول في
أول أفعال الحاج ، أو المعتمر ، وهو الاحرام .
القول في الاحرام
واتفق جمهور العلماء على أن الغسل للاهلال سنة ، وأنه من أفعال
المحرم حتى قال ابن نوار : إن هذا الغسل للاهلال عند مالك أوكد من غسل
الجمعة ، وقال أهل الظاهر ، هوواجب ، وقال أبحنيفة ، والثوري : يجزئ منه
الوضوء .
وحجة أهل الظاهر مرسل مالك من حديث أسما بنت عميس أنها ولدت محمد بن
أبي بكر بالبيداء ، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله ( ص ) ، فقال : مرها ،
فتغتسل ، ثم لتهل والامر عندهم على الوجوب .
وعمدة الجمهور أن الاصل هو براءة الذمة حتى يثبت الوجوب بأمر لا مدفع فيه .
وكان عبد الله بن عمر يغتسل لاحرامه قبل أن يحرم ، ولدخوله مكة ،
ولوقوفه عشية يوم لرفة ومالك يرى هذه الاغتسالات الثلاث من أفعال المحرم .
واتفقوا على أن الاحرام لا يكون إلا بنية واختلفوا هل تجزئ النية
فيه من غير التلبية ؟ فقال مالك والشافعي : تجزئ النية من غير التلبية .
وقال أبو حنيفة : التلبية في الحج كالتكبيرة في الاحرام بالصلاة ،
إلا أنه يجزئ عنده كل لفظ يقوم مقام التلبية ، كما يجزئ عنده في افتتاح
الصلاة كل لفظ يقوم مقام التكبير ، وهو كل ما يدل على التعظيم .
واتفق العلماء على أن لفظ تلبية رسول الله ( ص ) لبيك اللهم لبيك ،
لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وهي من
رواية مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي ( ص ) ، وهو أصح سندا .
واختلفوا في هل هي واجبة بهذا اللفظ أم لا ؟ فقال أهل الظاهر : هي واجبة بهذا اللفظ .
ولا خلاف عند الجمهور في استحباب هذا اللفظ ، وإنما اختلفوا في الزيادة عليه ، أو في تبديله .
وأوجب أهل الظاهر رفع الصوت بالتلبية ، وهو مستحب عند الجمهور لما
رواه مالك أن رسول الله ( ص ) قال : أتاني جبريل ، فأمرني أن آمر أصحابي ،
ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ، وبالاهلال .
وأجمع أهل العلم على أن تلبية المرأة فيما حكاه أبو عمر ، هو أن تسمع نفسها بالقول .
وقال
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 270