اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 269
القول في القارن
أما القران ، فهو أن يهل بالنسكين معا ، أو يهل بالعمرة في أشهر الحج ، ثم يردف ذلك بالحج قبل أن يهل من العمرة .
واختلف أصحاب مالك في الوقت الذي يكون ذلك له فيه ، فقيل ذلك له ما
لم يشرع في الطواف ، ولو شوطا واحدا ، وقيل ما لم يطف ، ويركع ، ويكره بعد
الطواف ، وقبل الركوع ، فإن فعل ، لزمه ، وقيل له ذلك ما بقي عليه شئ من
عمل العمرة من طواف ، أو سعي ، ما خلا أنهم اتفقوا على أنه إذا أهل بالحج
ولم يبق عليه من أفعال العمرة إلا الحلاق ، فإنه ليس بقارن ، والقارن الذي
يلزمه هدي المتمتع ، هو عند الجمهور من غير حاضري المسجد الحرام إلا ابن
الماجشون من أصحاب مالك ، فإن القارن من أهل مكة عنده عليه الهدي .
وأما الافراد ، فهو ما تعرى من هذه الصفات ، وهو ألا يكون متمتعا ولاقارنا ، بل أن يهل بالحج فقط .
وقد اختلف العلماء أي أفضل هل الافراد ، أو القران ، أو التمتع ؟
والسبب في اختلافهم : اختلافهم فيما فعل رسول الله ( ص ) من ذلك ، وذلك أنه
روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان مفردا وروي أنه تمتع وروي عنه أنه
كان قارنا .
فاختار مالك الافراد ، واعتمد في ذلك على ما روي عن عائشة أنها قالت
: خرجنا مع رسول الله ( ص ) عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ومنا من
أهل بحج ، وعمرة ، وأهل رسول الله ( ص ) بالحج ورواه عن عائشة من طرق كثيرة
.
قال أبو عمر بن عبد البر : وروي الافراد عن النبي ( ص ) عن جابر بن
عبد الله من طرق شتى متواترة صحاح ، وهو قول أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ،
وعائشة ، وجابر ، والذين رأوا أن النبي ( ص ) كان متمتعا احتجوا بما رواه
الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال : تمتع رسول الله ( ص )
في عام حجة الوداع بالعمرة إلى الحج .
وأهدى ، وساق الهدي معه من ذي الحليفة وهو مذهب عبد الله بن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، واختلف عن عائشة في التمتع ، والافراد .
واعتمد من رأى أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنا أحاديث كثيرة :
منها حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول
وهوبوادي العقيق أتاني الليلة آت من ربي ، فقال : أهل في هذا الوادي
المبارك ، وقل : عمرة في حجة خرجه البخاري ، وحديث مروان بن الحكم قال :
شهدت عثمان وعليا ، وعثمان ينهى عن المتعة ، وأن يجمع بينهما ، فلما رأى
ذلك علي أهل بهما : لبيك بعمرة ، وحجة ، وقال : ما كنت لادع سنة رسول الله (
ص ) لقول أحد خرجه البخاري ، وحديث أنس خرجه البخاري أيضا قال : سمعت رسول
الله ( ص ) يقول : لبيك عمرة ، وحجة وحديث مالك بن شهاب عن عروة عن عائشة
قالت : خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع ، فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول
الله ( ص ) من كان معه هدي ، فليهل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل
منهما جميعا واحتجوا فقالوا : ومعلوم أنه كان معه
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 269