اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 260
قال : إنها سنة بآثار : منها حديث الحجاج بن أرطاة عن محمد بن
المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : سأل رجل النبي ( ص ) عن العمرة ، أواجبة
هي ؟ قال : لا ، ولان تعتمر خير لك قال أبو عمر بن عبد البر : وليس هو حجة
فيما انفرد به ، وربما احتج من قال : إنها تطوع بما روي عن أبي صالح
الحنفي قال : قال رسول الله ( ص ) الحج واجب ، والعمرة تطوع وهو حديث منقطع
.
فسبب الخلاف في هذا : تعارض الآثار في هذا الباب ، وتردد الامر بالتمام بين أن يقتضي الوجوب ، أم لا يقتضيه .
القول الاول في الجنس الثاني وهو تعريف أفعال هذه العبادة
في نوع منها ، والتروك المشترطة فيها وهذه العبادة كما قلنا صنفان : حج ، وعمرة .
والحج ثلاثة أصناف : إفراد ، وتمتع ، وقران ، وهي كلها تشتمل على
أفعال محدودة في أمكنة محدودة ، وأوقات محدودة ، ومنها فرض ، ومنها غير فرض
، وعلى تروك تشترط في تلك الافعال ، ولكل من هذه أحكام محدودة إما عند
الاحلال بها ، وإما عند الطوارئ المانعة منها ، فهذا الجنس ينقسم أولا إلى
القول في الافعال ، وإلى القول في التروك .
وأما الجنس الثالث فهو الذي يتضمن القول في الاحكام ، فلنبدأ
بالافعال ، وهذه منها ما تشترك فيه هذه الاربعة الانواع من النسك أعني
أصناف الحج الثلاث ، والعمرة ، ومنها ما يختص بواحد واحد منها فلنبدأ من
القول فيها بالمشترك ، ثم نصير إلى ما يخص واحدا واحدا منها فنقول : إن
الحج ، والعمرة أول أفعالهما الفعل الذي يسمى الاحرام .
القول في شروط الاحرام
والاحرام شروطه الاول : المكان ، والزمان .
أما المكان ، فهو الذي يسمى مواقيت الحج ، فلنبدأ بهذا ، فنقول : إن
العلماء بالجملة مجمعون على ان المواقيت التي منها يكون الاحرام ، أما
لاهل المدينة فذو الحليفة ، وأما لاهل الشام فالجحفة ، ولاهل نجد قرن .
وأهل اليمن يلملم لثبوت ذلك عن رسول الله ( ص ) من حديث ابن عمر ، وغيره .
واختلفوافي ميقات أهل العراق : فقال جمهور فقها الامصار ميقاتهم من ذات عرق وقال الشافعي ، والثوري : إن أهلوا من العقيق كان أحب .
واختلفوا فيمن أقته لهم ، فقالت طائفة : عمر بن الخطاب ، وقالت طائف
: بل رسول الله ( ص ) هو الذي أقت لاهل العراق ذات عرق ، والعقيق ، وروي
ذلك من حديث جابر ، وابن عباس وعائشة .
وجمهور العلماء على أن من يخطئ هذه ، وقصده الاحرام ، فلم يحرم إلا
بعدها أن عليه دما ، وهؤلاء منهم من قال : إن رجع إلى الميقات فأحرم منه ،
سقط عنه الدم ، ومنهم الشافعي ومنهم من قال : لا يسقط عنه الدم ، وإن رجع ،
وبه قال مالك وقال قوم : ليس عليه دم وقال آخرون إن لم يرجع إلى الميقات
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 260