اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 255
نذر الصوم المطلق .
وأما موانع الاعتكاف ، فاتفقوا على أنها ما عدا الافعال التي هي
أعمال المعتكف ، وأنه لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا لحاجة الانسان ،
أو ما هو في معناها مما تدعو إليه الضرورة لما ثبت من حديث عائشة أنها
قالت : كان رسول الله ( ص ) إذا اعتكف يدني إلي رأسه ، وهو في المسجد
فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان .
واختلفوا إذا خرج لغير حاجة متى ينقطع اعتكافه ؟ : فقال الشافعي :
ينتقض اعتكافه عند أول خروجه ، وبعضهم رخص في الساعة ، وبعضهم في اليوم .
واختلفوا هل له أن يدخل بيتا غير بيت مسجده ؟ فرخص فيه بعضهم وهو
الاكثر : مالك والشافعي ، وأبو حنيفة ورأى بعضهم أن ذلك يبطل اعتكافه .
وأجاز مالك له البيع ، والشراء ، وأن يلي عقد النكاح وخالفه غيره في ذلك .
وسبب اختلافهم : أنه ليس في ذلك حد منصوص عليه إلا الاجتهاد وتشبيه ما لم يتفقوا عليه بما اتفقوا عليه .
واختلفوا أيضا هل للمعتكف أن يشترط فعل شئ مما يمنعه الاعتكاف
فينفعه شرطه في الاباحة أم ليس ينفعه ذلك مثل أن يشترطشهود جنازة ، أو غير
ذلك ؟ فأكثر الفقهاء على أن شرطه لا ينفعه ، وأنه إن فعل ، بطل اعتكافه
وقال الشافعي : ينفعه شرطه .
والسبب في اختلافهم : تشبيههم الاعتكاف بالحج في أن كليهما عبادة
مانعة لكثير من المباحات ، والاشتراط في الحج ، إنما صار إليه من رآه ،
لحديث ضباعة أن رسول الله ( ص ) قال لها : أهلي بالحج ، واشترطي أن تحلي
حيث حبستني لكن هذا الاصل مختلف فيه في الحج ، فالقياس فيه ضعيف عند الخصم
المخالف له .
واختلفوا إذا اشترط التتابع في النذر : أو كان التتابع لازما ،
فمطلق في النذر عند من يرى ذلك ما هي الاشياء التي إذا قطعت الاعتكاف ،
أوجبت الاستئناف ، أو البناء مثل المرض ، فإن منهم من قال : إذا قطع المرض
الاعتكاف ، بنى المعتكف ، وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ومنهم من
قال : يستأنف الاعتكاف ، وهو قول الثوري .
ولا خلاف فيما أحسب عندهم أن الحائض تبني واختلفوا هل يخرج من
المسجد ، أم ليس يخرج وكذلك اختلفوا إذا جن المعتكف ، أو أغمي عليه ، هل
يبني ، أو ليس يبني ، بل يستقبل .
والسبب في اختلافهم في هذا الباب : أنه ليس في هذه الاشياء شئ محدود
من قبل السمع ، فيقع التنازع من قبل تشبيههم ما اتفقوا عليه بما اختلفوا
فيه ، أعني بما اتفقوا عليه في هذه العبادة ، أو في العبادات التي من شرطها
التتابع ، مثل صوالظهار ، وغيره .
والجمهور : على أن اعتكاف المتطوع ، إذا قطع لغير عذر أنه يجب فيه
القضاء لما ثبت أن رسول الله ( ص ) أراد أن يعتكف العشر الاواخر من رمضان ،
فلم يعتكف ، فاعتكف عشرا من شوال .
وأما الواجب بالنذر ، فلا خلاف في قضائه فيما أحسب .
والجمهور : على أن من أتى كبيرة انقطع اعتكافه .
فهذه جملة ما رأينا أن نثبته في أصول هذا الباب ، وقواعده .
والله الموفق ، والمعين ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وآله ، وصحبه وسلم تسليما .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 255