responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 251

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الاعتكاف

والاعتكاف مندوب إليه بالشرع ، واجب بالنذر ، ولا خلاف في ذلك ، إلا ما روي عن مالك أنه كره الدخول فيه مخافة أن لا يوفي شرطه ، وهو في رمضان أكثر منه في غيره ، وبخاصة في العشر الاواخر منه ، إذ كان ذلك ، هو آخر اعتكافه ( ص ) .

وهو بالجملة يشتمل على عمل مخصوص في موضع مخصوص ، وفي زمان مخصوص بشروط مخصوصة ، وتروك مخصوصة .

فأما العمل الذي يخصه ، ففيه قولان : قيل إنه الصلاة ، وذكر الله وقراءة القرآن ، لا غير ذلك من أعمال البر ، والقرب ، وهو مذهب ابن القاسم .

وقيل : جميع أعمال القرب ، والبر المختصة بالآخرة ، وهو مذهب ابن وهب فعلى هذا المذهب يشهد الجنائز ، ويعود المرضى ، ويدرس العلم ، وعلى المذهب الاول لا .

وهذا هو مذهب الثوري ، والاول هو مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة .

وسبب اختلافهم : أن ذلك شئ مسكوت عنه ، أعني أنه ليس فيه حد مشروع بالقول ، فمن فهم من الاعتكاف حبس النفس على الافعال المختصة بالمساجد قال : لا يجوز للمعتكف إلا الصلاة ، والقراءة .

ومن فهم منه حبس النفس على القرب الاخروية كلها ، أجاز له غير ذلك مما ذكرناه .

وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : مناعتكف لا يرفث ، ولا يساب وليشهد الجمعة ، والجنازة ، ويوصي أهله إذا كانت له حاجة وهو قائم ولا يجلس ، ذكره عبد الرزاق وروي عن عائشة خلاف هذا ، وهو أن السنة للمعتكف أن لا يشهد جنازة ، ولا يعود مريضا وهذا أيضا أحد ما أوجب الاختلاف فهذا المعنى .

وأما المواضع التي فيها يكون الاعتكاف ، فإنهم اختلفوا فيها ، فقال قوم : لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : بيت الله الحرام ، وبيت المقدس ، ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام ، وبه قال حذيفة وسعيد بن المسيب .

وقال آخرون : الاعتكاف عام في كل مسجد ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وهو مشهور مذهب مالك .

وقال آخرون : لا اعتكاف إلا في مسجد فيه جمعة ، وهي رواية ابن عبد الحكم عن مالك .

وأجمع الكل على أن من شرط الاعتكاف المسجد ، إلا ما ذهب إليه ابن لبابة من أنه يصح في غير

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست