اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 245
ليس يدل كونه فيه خمسة عشر صاعا على الواجب من ذلك لكل مسكين إلا
دلالة ضعيفة ، وإنما يدل على أن بدل الصيام في هذه الكفارة ، هو هذا القدر
.
وأما المسألة السادسة : وهي تكرر الكفارة بتكرر الافطار ، فإنهم
أجمعوا على أن من وطئ في يوم رمضان ، ثم كفر ، ثم وطئ في يوم آخر أن عليه
كفارة أخرى .
وأجمعوا على أنه من وطئ مرارا في يوم واحد أنه ليس عليه إلا كفارة
واحدة واختلفوا فيمن وطئ في يوم من رمضان ، ولم يكفر حتى وطئ في يوم ثان ،
فقال مالك ، والشافعي ، وجماعة : عليه لكل يوم كفارة وقال أبو حنيفة ،
وأصحابه : عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الجماع الاول .
والسبب في اختلافهم : تشبيه الكفارات بالحدود ، فمن شبهها بالحدود
قال : كفارة واحدة تجزئ في ذلك عن أفعال كثيرة ، كما يلزم الزاني جلد واحد ،
وإن زنى ألف مرة ، إذا لم يحد لواحد منها ، ومن لم يشبهها بالحدود ، جعل
لكل واحد من الايام حكما منفردا بنفسه في هتك الصوم فيه ، أوجب في كل يوم
كفارة .
قالوا : والفرق بينهما أن الكفارة فيها نوع من القربة ، والحدود زجر محض .
وأما المسألة السابعة : وهي هل يجب عليه الاطعام إذا أيسر ، وكان
معسرا في وقت الوجوب ؟ فإن الاوزاعي قال : لا شئ عليه إن كان معسرا وأما
الشافعي ، فتردد في ذلك .
والسبب في اختلافهم في ذلك : أنه حكم المسكوت عنه ، فيحتمل أن يشبه
بالديون ، فيعود الوجوب عليه في وقت الاثراء ويحتمل أن يقال : لو كان ذلك
واجبا عليه ، لبينه له عليه الصلاة والسلام .
فهذه أحكام من أفطر متعمدا في رمضان مما أجمع على أنه مفطر .
وأما من أفطر مما هو مختلف فيه ، فإن بعض من أوجب فيه ، أوجب فيه
القضاء ، والكفارة ، وبعضهم أوجب فيه القضاء فقط مثل من رأى الفطر من
الحجامة ، ومن الاستقاء ، ومن بلع الحصاة ، ومثل المسافر يفطر أول يوم يخرج
عند من يرى أنه ليس له أن يفطر في ذلك اليوم ، فإن مالكا أوجب فيه القضاء ،
والكفارة ، وخالفه في ذلك سائر فقهاء الامصار ، وجمهور أصحابه .
وأما من أوجب القضاء ، والكفارة على من استقاء ، فأبو ثور ،
والاوزاعي وسائر من يرى أن الاستقاء مفطر ، لا يوجبون إلا القضاء فقط والذي
أوجب القضاء ، والكفارة في الاحتجام من القائلين بأن الحجامة تفطر ، هو
عطاء وحده .
وسبب هذا الخلاف : أن المفطر بشئ فيه اختلاف فيه شبه من غير المفطر ،
ومن المفطر ، فمن غلب أحد الشبهين ، أوجب له ذلكالحكم ، وهذان الشبهان
الموجودان فيه ، هما اللذان أوجبا فيه الخلاف ، أعني هل هو مفطر ، أو غير
مفطر ؟ ولكون الافطار شبهة لا يوجب الكفارة عند الجمهور ، وإنما يوجب
القضاء فقط .
نزع أبو حنيفة إلى أنه من أفطر متعمدا الفطر ، ثم طرأ عليه في ذلك
اليوم سبب مبيح للفطر أنه لا كفارة عليه كالمرأة تفطر عمدا ، ثم تحيض باقي
النهار ، والصحيح يفطر عمدا ، ثم يمرض ، والحاضر يفطر ، ثم يسافر ، فمن
اعتبر الامر في نفسه ، أعني أنه مفطر في يوم جاز
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 245