responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 244

وأما المسألة الثالثة : وهو اختلافهم في وجوب الكفارة على المرأة ، إذا طاوعته على الجماع ، فإن أبا حنيفة ، وأصحابه ، ومالكا ، وأصحابه ، أوجبوا عليها الكفارة وقال الشافعي ، وداود : لا كفارة عليها .

وسبب اختلافهم : معارضة ظاهر الاثر للقياس ، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر المرأة في الحديث بكفارة ، والقياس أنها مثل الرجل ، إذ كان كلاهما مكلفا .

وأما المسألة الرابعة : وهي هل هذه الكفارة متربة ككفارة الظهار ، أو على التخيير ؟ وأعني بالترتيب أن لا ينتقى المكلف إلى واحد من الواجبات المخيرة ، إلا بعد العجز عن الذي قبله ، وبالتخيير أن يفعل منها ما شاء ابتداء من غير عجز عن الآخر ، فإنهم أيضا اختلفوا في ذلك ، فقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وسائر الكوفيين : هي غير مرتبة فالعتق أولا ، فإن لم يجد ، فالصيام ، فإن لم يستطع ، فالاطعام وقال مالك : هي على التخيير .

وروى عنه ابن القاسم مع ذلك أنه يستحب الاطعام أكثر من العتق ، ومن الصيام .

وسبب اختلافهم في وجوب الترتيب : تعارض ظواهر الآثار في ذلك والاقيسة ، وذلك أنظاهر حديث الاعرابي المتقدم يوجب أنها على الترتيب إذ سأله النبي عليه الصلاة والسلام عن الاستطاعة عليها مرتبا ، وظاهر ما رواه مالك من أن رجلا أفطر في رمضان ، فأمره رسول الله ( ص ) أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا أنها على التخيير ، إذ ( أو ) إنما تقتضي في لسان العرب التخيير ، وإن كان ذلك من لفظ الراوي الصاحب ، إذ كانوا هم أقعد بمفهوم الاحوال ، ودلالات الاقوال .

وأما الاقيسة المعارضة في ذلك ، فتشبيهها تارة بكفارة الظهار ، وتارة بكفارة اليمين ، لكنها أشبه بكفارة الظهار منها بكفارة اليمين ، وأخذ الترتيب من حكاية لفظ الراوي .

وأما استحباب الابتداء بالاطعام ، فمخالف لظواهر الآثار ، وإنما ذهب إلى هذا من طريق القياس ، لانه رأى الصيام قد وقع بدله الاطعام في مواضع شتى من الشرع ، وأنه مناسب له أكثر من غيره بدليل قراءة من قرأ

( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين )

ولذلك استحب هو وجماعة من العلماء لمن مات ، وعليه صوم أن يكفر بالاطعام عنه ، وهذا كأنه من باب ترجيح القياس الذي تشهد له الاصول على الاثر الذي لا تشهد له الاصول .

وأما المسألة الخامسة : وهو اختلافهم في مقدار الاطعام ، فإن مالكا ، والشافعي وأصحابهما قالوا : يطعم لكل مسكين مدا بمد النبي ( ص ) وقال أبو حنيفة : لا يجزئ أقل من مدين بمد النبي ( ص ) ، وذلك صاع لكل مسكين .

وسبب اختلافهم : معارضة القياس للاثر : أما القياس ، فتشبيه هذه الفدية بفدية الاذى المنصوص عليها .

وأما الاثر ، فما روي في بعض طرق حديث الكفارة أن الفرق كان فيه خمسة عشر صاعا ، لكن

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست