اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 221
عليه الصلاة والسلام أغنياء لقوله في حديث معاذ له فأخبرهم أن
الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، وترد على فقرائهم وإذا كان
الاغنياء هم الذين ، هم أهل النصاب وجب أن يكون الفقراء ، وقال مالك : ليس
في ذلك حد ، إنما هو راجع إلى الاجتهاد .
وسبب ضدهم اختلافهم : هل الغنى المانع هو معنى شرعي ، أم معنى لغوي ؟
فمن قال : معنى شرعي قال وجود النصاب هو الغنى ، ومن قال : معني لغوي
اعتبر في ذلك أقل ما ينطلق عليه الاسم ، فمن رأى أن أقل ما ينطلق عليه
الاسم هو محدود في كل وقت ، وفي كل شخص جعل حده هذا ، ومن رأى أنه غير
محدود ، وأن ذلك يختلف باختلاف الحالات ، والحاجات ، والاشخاص ، والامكنة ،
والازمنة ، وغير ذلك ، قال : هو غير محدود ، وأن ذلك راجع إلى الاجتهاد .
وقد روى أبو داود في حديث الغنى الذي يمنع الصدقة عن النبي ( ص ) أنه ملك خمسين درهما .
وفي أثر آخر أنه ملك أوقية ، وهي أربعون درهما وأحسب أن قوما قالوا بهذه الآثار في حد الغنى .
واختلفوا من هذا الباب في صفة الفقير ، والمسكين ، والفصلالذي
بينهما فقال قوم : الفقير أحسن حالا من المسكين ، وبه قال البغداديون من
أصحاب مالك وقال آخرون : المسكين أحسن حالا من الفقير ، وبه قال أبو حنيفة
وأصحابه والشافعي في أحد قوليه وفي قوله الثاني أنهما اسمان دالان على معنى
واحد وإلى هذا ذهب ابن القاسم ، وهذا النظر هو لغوي إن لم يكن له دلالة
شرعية ، والاشبه عند استقراء اللغة أن يكونا اسمين دالين على معنى واحد ،
يختلف بالاقل ، والاكثر في كل واحد منهما ، لا أن هذا راتب من أحدهما على
قدر غير القدر الذي الآخر راتب عليه .
واختلفوا في قوله تعالى :
﴿ وفي الرقاب ﴾
فقال مالك : هم العبيد يعتقهم الامام ويكون ولاؤهم للمسلمين وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : هم المكاتبون .
وابن السبيل هو عندهم المسافر في طاعة ينفذ زاده ، فلا يجد ما ينفقه ، وبعضهم يشترط فيه أن يكون ابن السبيل جار الصدقة .
وأما في سبيل الله فقال مالك : سبيل الله مواضع الجهاد ، والرباط ،
وبه قال أبو حنيفة وقال غيره : الحجاج والعمار وقال الشافعي : هو الغازي
جار الصدقة ، وإنما اشترط جار الصدقة لان عند أكثرهم أنه لا يجوز تنقيل
الصدقة من بلد إلى بلد إلا من ضرورة
الفصل الثالث : كم يجب لهم
؟ وأما قدر ما يعطى من ذلك ، أما الغارم ، فبقدر ما عليه إذا كان
دينه في طاعة وفي غير سرف ، بل في أمر ضروري ، وكذلك ابن السبيل يعطى ما
يحمله إلى بلده ، ويشبه أن يكون ما يحمله إلى مغزاه عند من جعل ابن السبيل
الغازي .
واختلفوا في مقدار ما يعط
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 221