اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 216
الجملة الرابعة : في وقت الزكاة وأما وقت الزكاة فإن جمهور
الفقهاء يشترطون في وجوب الزكاة في الذهب ، والفضة ، والماشية الحول ،
لثبوت ذلك عن الخلفاء الاربعة ، ولانتشاره في الصحابة رضي الله عنهم ،
ولانتشار العمل به ، ولاعتقادهم أن مثل هذا الانتشار من غير خلاف ولا يجوز
أن يكون إلا عن توقيف .
وقد روي مرفوعا من حديث ابن عمر عن النبي ( ص ) أنه قال لا زكاة في
مال حتى يحول عليه الحول وهذا مجمع عليه عند فقهاء الامصار ، وليس فيه في
الصدر الاول خلاف إلا ما روي عن ابن عباس ، ومعاوية .
وسبب الاختلاف : أنه ليرد في ذلك حديث ثابت .
واختلفوا من هذا الباب في مسائل ثمانية مشهورة : إحداها : هل يشترط
الحول في المعدن إذا قلنا إن الواجب فيه ربع العشر ؟ الثانية : في اعتبار
حول ربح المال .
الثالثة : حول الفوائد الواردة على مال تجب فيه الزكاة .
الرابعة : في اعتبار حول الدين ، إذا قلنا إن فيه الزكاة .
الخامسة : في اعتبار حول العروض ، إذا قلنا إن فيها الزكاة .
السادسة : في حول فائدة الماشية .
السابعة : في حول نسل الغنم إذا قلنا إنها تضم إلى الامهات ، إما
على رأي من يشترط أن تكون الامهات نصابا ، وهو الشافعي ، وأبو حنيفة ، وإما
على مذهب من لا يشترط ذلك ، وهو مذهب مالك .
والثامنة : في جواز إخراج الزكاة قبل الحول .
أما المسألة الاولى : وهي المعدن ، فإن الشافعي راعى فيه الحول مع النصاب وأما مالك ، فراعى فيه النصاب دون الحول .
وسبب اختلافهم : تردد شبهه بين ما تخرجه الارض مما تجب فيه الزكاة ،
وبين التبر ، والفضة المقتنيين ، فمن شبهه بما تخرجه الارض ، لم يعتبر
الحول فيه ، ومن شبهه بالتبر ، والفضة المقتنيين ، أوجب الحول ، وتشبيهه
بالتبر ، والفضة أبين .
والله أعلم .
المسألة الثانية : وأما اعتبار حول ربح المال ، فإنهم اختلفوا فيه
على ثلاثة أقوال : فرأى الشافعي أن حوله يعتبر من يوم استفيد سواء كان
الاصل نصابا ، أو لم يكن وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب أن لا يعرض
لارباح التجارة حتى يحول عليها الحول .
وقال مالك : حول الربح ، هو حول الاصل : أي إذا كمل للاصول حول ،
زكى الربح معه ، سواء كان الاصل نصابا ، أو أقل من نصاب إذا بلغ الاصل مع
ربحه نصابا .
قال أبو عبيد : ولم يتابعه عليه أحد من الفقهاء إلا أصحابه .
وفرق قوم بين أن يكون رأس المال الحائل عليه الحول نصابا ، أو لا
يكون فقالوا : إن كان نصابا ، زكى الربح مع رأس ماله ، وإن لم يك نصابا ،
لم يزك ، وممن قال بهذا القول الاوزاعي ، وأبو ثور ، وأبو حنيفة .
وسبب اختلافهم : تردد الربح بين أن يكون حكمه حكم المال المستفاد ،
أو حكم الاصل ، فمن شبهه بالمال المستفاد ابتداء ، قال : يستقبل به الحول ،
ومن شبهه بالاصل وهو رأس المال ، قال : حكمه حكم رأس المال ، إلا أن من
شروطهذا التشبيه أن يكون رأس المال ، قد وجبت فيه الزكاة ، وذلك لا يكون
إلا إذا كان نصابا ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 216