اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 212
تختلط ماشيتهما ، وتراحا لواحد وتحلبا لواحد ، وتسرحا لواحد ،
وتسقيامعا ، وتكون فحولهما مختلطة ، ولا فرق عنده بالجملة بين الخلطة ،
والشركة ولذلك يعتبر كمال النصاب لكل واحد من الشريكين كما تقدم .
وأما مالك ، فالخليطان عنده ما اشتركا في الدلو ، والحوض ، والمراح
والراعي ، والفحل واختلف أصحابه في مراعاة بعض هذه الاوصاف ، أو جميعها .
وسبب اختلافهم : اشتراك اسم الخلطة ولذلك لم ير قوم تأثير الخلطة في الزكاة وهو مذهب أبي محمد بن حزم الاندلسي .
الفصل الخامس : في نصاب الحبوب ، والثمار ، والقدر الواجب في ذلك
وأجمعوا على أن الواجب في الحبوب أما ما سقي بالسماء ، فالعشر ، وأما ما
سقي بالنضح ، فنصف العشر ، لثبوت ذلك عنه ( ص ) .
وأما النصاب ، فإنهم اختلفوا في وجوبه في هذا الجنس من مال الزكاة .
فصار الجمهور إلى إيجاب النصاب فيه ، وهو خمسة أوسق ، والوسق ستون صاعا بإجماع ، والصاع أربعة أمداد بمد النبي عليه الصلاة والسلام .
والجمهور على أن مده رطل وثلث وزيادة يسيرة بالبغدادي ، وإليه رجع
أبو يوسف حين ناظره مالك على مذهب أهل العراق ، لشهادة أهل المدينة بذلك ،
وكان أبو حنيفة يقول في المد إنه رطلان ، وفي الصاع إنه ثمانية أرطال ،
وقال أبو حنيفة : ليس في الحبوب والثمار نصاب .
وسبب اختلافهم : معارضة العموم للخصوص .
أما العموم ، فقوله عليه الصلاة والسلام : فيما سقت السماء العشر ،
وفيما سقي بالنضح نصف العشر أما الخصوص ، فقوله عليه الصلاة والسلام ليس
فيما دون خمسة أوسق صدقة .
والحديثان ثابتان ، فمن رأى أن الخصوص يبنى على العموم قال : لا بد
من النصاب وهو المشهور ومن رأى أن العموم ، والخصوص متعارضان ، إذا جهل
المتقدم فيهما والمتأخر ، إذ كان قد ينسخ الخصوصبالعموم عنده ، وينسخ
العموم بالخصوص ، إذ كل ما وجب العمل به جاز نسخه ، والنسخ قد يكون للبعض
وقد يكون للكل ، ومن رجح العموم ، قال : لا نصاب ، ولكن حمل الجمهور عندي
الخصوص على العموم ، هو من باب ترجيح الخصوص على العموم في الجزء الذي
تعارضا فيه ، فإن العموم فيه ظاهر ، والخصوص فيه نص ، فتأمل هذا فإنه السبب
الذي صير الجمهور إلى أن يقولوا بني العام على الخاص وعلى الحقيقة ليس
بنيانا فإن التعارض بينهما موجود إلا أن يكون الخصوص متصلا بالعموم فيكون
استثناء .
واحتجاج أبي حنيفة في النصاب بهذا العموم فيه ضعف فإن الحديث إنما خرج مخرج تبيين القدر الواجب منه .
واختلفوا من هذا الباب في النصاب في ثلاث مسائل : المسألة الاولى : في ضم الحبوب بعضها إلى بعض في النصاب .
الثانية : في جواز تقدير النصاب في العنب ، والتمر بالخرص .
الثالثة : هل يحسب على الرجل ما يأكله من ثمره ، وزرعه قبل الحصاد ، والجذاذ في النصاب ، أم لا ؟
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 212