اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 209
فوق هذا السن ، أو تحته ، فإن مالكا قال : يكلف شراء ذلك السن
وقال قوم : بل يعطي السن الذي عنده ، وزيادة عشرين درهما ، كان السن الذي
عنده أحط ، أو شاتين ، وإن كان أعلى دفع إليه المصدق عشرين درهما ، أو
شاتين وهذا ثابت في كتاب الصدقة ، فلا معنى للمنازعة فيه ولعل مالكا ليبلغه
هذا الحديث .
وبهذا الحديث قال الشافعي ، وأبو ثور .
وقال أبو حنيفة : الواجب عليه القيمة ، على أصله في إخراج القيم في
الزكاة وقال قوم : بل يعطي السن الذي عنده ، وما بينهما من القيمة .
وأما المسألة الثالثة : وهي هل تجب في صغار الابل ، وإن وجبت فماذا يكلف ؟ فإن قوما قالوا : تجب فيها الزكاة وقوم قالوا : لا تجب .
وسبب اختلافهم : هل يتناول اسم الجنس الصغار ، أو لا يتناوله ؟
والذين قالوا : لا تجب فيها زكاة هو أبو حنيفة ، وجماعة من أهل الكوفة وقد
احتجوا بحديث سويد بن غفلة أنه قال : أتانا مصدق النبي عليه الصلاة والسلام
، فأتيته ، فجلست إليه ، فسمعته يقول : إن في عهدي أن لا آخذ من راضع لبن ،
ولا أجمع بين متفرق ، ولا نفرق بين مجتمع .
قال : وأتاه رجل بناقة كوماء ، فأبى أن يأخذها .
والذين أوجبوا الزكاة فيها منهم من قال : يكلف شراء السن الواجبة عليهم ، ومنهم من قال : يأخذ منها ، وهو الاقيس .
وبنحو هذا الاختلاف اختلفوا في صغار البقر ، وسخال الغنم .
الفصل الثالث : في نصاب البقر ، وقدر الواجب في ذلك جمهور العلماء
على أن في ثلاثين من البقر تبيعا ، وفي أربعين مسنة وقالت طائفة في كل عشر
من البقر شاة إلى ثلاثين ، ففيها تبيع .
وقيل إذا بلغت خمسا وعشرين ، ففيها بقرة إلى خمس وسبعين ، ففيها
بقرتان ، إذا جاوزت ذلك ، فإذا بلغت مائة وعشرين ، ففي كل أربعين بقرة ،
وهذا عن سعيد بن المسيب .
واختلف فقهاء الامصار فيما بين الاربعين والستين : فذهب مالك
والشافعي وأحمد ، والثوري ، وجماعة أن لا شئ فيما زاد على الاربعين حتى
تبلغ الستين فإذا بلغت ستين ، ففيها تبيعان إلى سبعين ، ففيها مسنة وتبيع
إلى ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين ، ففيها ثلاثة أتبعة إلى مائة ، ففيها
تبيعان ومسنة ، ثم هكذا ما زاد ، ففي كل ثلاثين تبيع ، وفي كل أربعين مسنة
وسبب اختلافهم في النصاب : أن حديث معاذ غيرمتفق على صحته ولذلك لم يخرجه
الشيخان .
وسبب اختلاف فقهاء الامصار في الوقص في البقر أنه جاء في حديث معاذ
هذا أنه توقف في الاوقاص ، وقال : حتى أسأل فيها النبي عليه الصلاة والسلام
، فلما قدم عليه ، وجده قد توفي ( ص ) .
فلما لم يرد في ذلك نص طلب حكمه من طريق القياس ، فمن قاسها على
الابل والغنم لم ير في الاوقاص شيئا ، ومن قال : إن الاصل في الاوقاص
الزكاة إلا ما استثناه الدليل من ذلك ، وجب أن لا يكون عنده في البقر وقص ،
إذ لا دليل هنالك من إجماع ، ولا غيره .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 209