اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 199
حنيفة وأصحابه : ليس فيها عشر .
وسبب اختلافهم : كما قلنا هل الزكاة حق الارض ، أو حق الحب ؟ فإن
قلنا : إنه حق الارض ، لم يجتمع فيها حقان : وهما العشر ، والخراج وإن قلنا
: الزكاة حق الحب ، كان الخراج حق الارض ، والزكاة حق الحب ، وإنما يجئ
هذا الخلاف فيها ، لانها ملك ناقص كما قلنا ، ولذلك اختلف العلماء في جواز
بيع أرض الخراج .
وأما إذا انتقلت أرض العشر إلى الذمي يزرعها ، فإن الجمهور على أنه ليس فيها شئ .
وقال النعمان : إذا اشترى الذمي أرض عشر تحولت أرض خراج فكأنه رأى
أن العشر هو حق أرض المسلمين ، والخراج هو حق أرض الذميين ، لكن كان يجب
على هذا الاصل ، إذا انتقلت أرض الخراج إلى المسلمين أن تعود أرض عشر ، كما
أن عنده إذا انتقلت أرض العشر إلى الذمي ، عادت أرض خراج .
ويتعلق بالمالك مسائل أليق المواضع بذكرها هو هذا الباب : أحدها : إذا أخرج المرء الزكاة ، فضاعت .
والثانية : إذا أمكن إخراجها ، فهلك بعض المال قبل الاخراج .
والثالثة : إذا مات ، وعليه زكاة .
والرابعة : إذا باع الزرع ، أو الثمر ، وقد وجبت فيه الزكاة على من الزكاة ؟ وكذلك إذا وهبه .
فأما المسألة الاولى : وهي إذا أخرج الزكاة ، فضاعت ، فإن قوما
قالوا : تجزئ عنه ، وقوم قالوا : هو لها ضامن حتى يضعها موضعها ، وقوم
فرقوا بين أن يخرجها بعد أن أمكنه إخراجها ، وبين أن يخرجها أول زمان
الوجوب والامكان فقال بعضهم : إن أخرجها بعد أيام من الامكان والوجوب ، ضمن
، وإن أخرجها في أول الوجوب ، ولم يقع منه تفريط ، لم يضمن ، وهو مشهور
مذهب مالك وقول قالوا : إن فرط ضمن ، وإن لم يفرط زكى ما بقي ، وبه قال أبو
ثور والشافعي وقال قوم : بل يعد الذاهب من الجميع ، ويبقى المساكين ورب
المال شريكين في الباقي بقدر حظهما من حظ رب المال مثل الشريكين يذهب بعض
المال المشترك بينهما ، ويبقيان شريكين على تلك النسبة في الباقي .
فيتحصل في المسألة خمسة أقوال : 1 - قول : إنه لا يضمن بإطلاق .
2 - وقول : إنه يضمن بإطلاق .
3 - وقول : إن فرط ، ضمن ،وإن لم يفرط ، لم يضمن .
4 - وقول : إن فرط ، ضمن وإن لم يفرظ زكى ما بقي .
والقول الخامس : يكونان شريكين في الباقي .
وأما المسألة الثانية : إذا ذهب بعض المال بعد الوجوب ، وقبل تمكن
إخراج الزكاة فقوم قالوا ، يزكى ما بقي وقوم قالوا : حال المساكين ، وحال
رب المال ، حال الشريكين ، يضيع بعض مالهما .
والسبب في اختلافهم : تشبيه الزكاة بالديون ، أعني أن يتعلق الحق
فيها بالذمة لا بعين المال ، أو تشبيهها بالحقوق التي تتعلق بعين المال ،
لا بذمة الذي يده على المال ، كالامناء ، وغيرهم ، فمن شبه مالكي الزكاة
بالامناء قال : إذا أخرج .
فهلك المخرج ، فلا شئ عليه ، ومن شبههم بالغرماء قال : يضمنون ومن
فرق بين التفريط ، واللاتفريط ، ألحقهم بالامناء من جميع الوجوه ، إذ كان
الامين يضمن إذا فرط .
وأما من قال :
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 199