اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 191
وقال أبو حنيفة : ينتظر حتى يكبر الامام ، وحينئذ يكبر وهي رواية
ابن القاسم عن مالك والقياس التكبير قياسا على من دخل في المفروضة ، واتفق
مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي على أنه يقضي ما فاته من التكبير ، إلا أن
أبا حنيفة يرى أن يدعو بين التكبير المقضي ، ومالك والشافعي يريان أن يقضيه
نسقا ، وإنما اتفقوا على القضاء لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ما
أدركتم ، فصلوا ، وما فاتكم ، فأتموا فمن رأى أن هذا العموم يتناول التكبير
، والدعاء ، قال : يقضي التكبير ، وما فاته من الدعاء ، ومن أخرج الدعاء
من ذلك ، إذا كان غير مؤقت قال : يقضي التكبير فقط ، إذا كان هو المؤقت ،
فكان تخصيص الدعاء من ذلك العموم ، هو من باب تخصيص العام بالقياس ، فأبو
حنيفة أخذ بالعموم ، وهؤلاء بالخصوص .
المسألة السابعة : واختلفوا في الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة
على الجنازة ، فقال مالك : لا يصلي على القبر وقال أبو حنيفة : لا يصلي على
القبر إلا الولي فقط ، إذا فاتته الصلاة على الجنازة ، وكان الذي صلى
عليها غير وليها وقال الشافعي ، وأحمد ، وداود ، وجماعة : يصلي على القبر
من فاتته الصلاة على الجنازة واتفق القائلون بإجازة الصلاة على القبر أن من
شرط ذلك حدوث الدفن ، وهؤلاء اختلفوا في هذه المدة وأكثرها شهر .
وسبب اختلافهم : معارضة العمل للاثر .
أما مخالفة العمل ، فإن ابن القاسم قال : قلت لمالك : فالحديث الذي
جاء عن النبي ( ص ) : أنه صلى على قبر امرأة ؟ قال : قد جاء هذا الحديث ،
وليس عليه العمل ، والصلاة على القبر ثابتة باتفاق من أصحاب الحديث .
قال أحمد بن حنبل : رويت الصلاة على القبر عن النبي عليه الصلاة والسلام من طرق ستة كلها حسان .
وزاد بعض المحدثين ثلاثة طرق ، فذلك تسع .
وأما البخاري ، ومسلم فرويا ذلك من طريق أبي هريرة وأما مالك فخرجه
مرسلا عن أبي أمامة بن سهل وقد روى ابن وهب عن مالك مثل قول الشافعي .
وأما أبو حنيفة فإنه جرى في ذلك على عادته فيما أحسب ، أعني من رد
أخبار الاحاد التي تعم بها البلوى ، إذا لم تنتشر ولا انتشر العمل بها ،
وذلك أن عدم الانتشار إذا كان خبرا شأنه الانتشار قرينة توهن الخبر ،
وتخرجه عن غلبة الظن بصدقه إلى الشك فيه ، أو إلى غلبة الظن بكذبه أو نسخه .
قال القاضي : وقد تكلمنا فيما سلف منكتابنا هذا في وجه الاستدلال
بالعمل ، وفي هذا النوع من الاستدلال الذي يسميه الحنفية عموم البلوى ،
وقلنا إنها من جنس واحد .
الفصل الثاني : فيمن يصلى عليه ، ومن أولى بالتقديم وأجمع أكثر أهل
العلم على إجازة الصلاة على كل من قال : لا إله إلا الله وفي ذلك أثر أنه
قال عليه الصلاة والسلام : صلوا على من قال لا إله إلا الله وسواء كان من
أهل الكبائر ، أو من أهل البدع ، إلا أن مالكا كره لاهل الفضل الصلاة على
أهل البدع ، ولم ير
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 191