اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 179
وذلك أن منهم من اعتمد عمل أهل المدينة ، ومنهم من اعتمد القيا س ، ومنهم من اعتمد السماع .
أما الذين اعتمدوا العمل ، فمالك وأصحابه ، وأما الذين اعتمدوا
القياس ، فأبو حنيفة وأصحابه ، وذلك أنهم قالوا : وجدنا السجدات التي أجمع
عليها ، جاءت بصيغة الخبر ، وهي سجدة الاعراف ، والنحل ، والرعد ، والاسراء
، ومريم ، وأول الحج ، والفرقان ، والنمل ، و
( آلم تنزيل )
فوجب أن يلحق بها سائر السجدات التي جاءت بصيغة الخبر ، وهي التي في ص والانشقاق ، ويسقط ثلاث جاءت بلفظ الامر ، وهي التي في
﴿ والنجم ﴾
وفي الثانية من الحج .
وفي
﴿ أقرأ باسم ربك ﴾
وأما الذين اعتمدوا السماع ، فإنهم صاروا إلى ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام من سجوده في الانشقاق ، وفي
﴿ اقرأ باسم ربك ﴾
وفي
﴿ والنجم ﴾
خرج ذلك الحج من سجدة ؟ قال : سجدتان .
وصحيح حديث عقبة بن عامر عن النبي ( ص ) أنه قال : في الحج سجدتان وهو قول عمر ، وعلي .
قال القاضي : خرجه أبو داود .
وأما الشافعي ، فإنه إنما صار إلى إسقاط سجدة ص لما رواه أبو داود
عن أبي سعيد الخدري : أن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ ، وهو على المنبر
آية السجود من سورة ص فنزل ، وسجد ، فلما كان يوم آخر ، قرأها ، فتهيأ
الناس للسجود ، فقال : إنما هي توبة نبي ، ولكن رأيتكم تشيرون للسجود ،
فنزلت فسجدت .
وفي هذا ضرب من الحجة لابي حنيفة في قوله بوجوب السجود لانه علل ترك
السجود في هذه السجدة بعلة انتفت في غيرها من السجدات ، فوجب أن يكون حكم
التي انتفت عنها العلة بخلاف التي ثبتت لها العلة ، وهو نوع من الاستدلال ،
وفيه اختلاف ، لانه من باب تجويز دليل الخطاب .
وقد احتج بعض من لم ير السجود في المفصل بحديث عكرمة عن ابن عباس
خرجه أبو داود : أن رسول الله ( ص ) ، لم يسجد في شئ من المفصل منذ هاجر
إلى المدينة قال أبو عمر : وهو منكر ، لان أبا هريرة الذي روى سجوده في
المفصل لم يصحبه عليه الصلاة والسلام إلا بالمدينة .
وقد روى الثقات عنه : أنه سجد عليه الصلاة والسلام في والنجم وأما
وقت السجود فإنهم اختلفوا فيه ، فمنع قوم السجود في الاوقات المنهي عن
الصلاة فيها ، وهو مذهب أبي حنيفة على أصله في منع الصلوات المفروضة في هذه
الاوقات ومنع مالك أيضا ذلك في الموطأ لانها عنده من النفل ، والنفل ممنوع
في هذه الاوقات عنده ، وروى ابن القاسم عنه أنه يسجد فيها بعد العصر ما لم
تصفرالشمس ، أو تتغير ، وكذلك بعد الصبح ، وبه قال الشافعي وهذا بناء على
أنها سنة ، وأن السنن تصلى في هذه الاوقات ما لم تدن الشمس من الغروب أو
الطلوع .
وأما على من يتوجه حكمها ، فأجمعوا على أنه يتوجه على القارئ في صلاة كان ، أو في غير صلا
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 179