اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 176
بعدها ، ولذلك تردد المذهب في الصلاة قبلها إذا صليت في المسجد ،
لكون دليل الفعل معارضا في ذلك القول : أعني أنه من حيث هو داخل في مسجد ،
يستحب له الركوع ، ومن حيث هو مصل صلاة العيد ، يستحب له أن لا يركع تشبها
بفعله عليه الصلاة والسلام .
ومن رأى أن ذلك من باب الرخصة ، ورأى أن اسم المسجد ينطلق على
المصلى ، ندب إلى التنفل قبلها ، ومن شبهها بالصلاة المفروضة استحب التنفل
قبلها وبعدها كما قلنا .
ورأى قوم أن التنفل قبلها وبعدها من با ب المباح الجائز ، لا من باب
المندوب ولا من باب المكروه ، وهو أقل اشتباها ، إن لم يتناول اسم المسجد
المصلى .
واختلفوا في وقت التكبير في عيد الفطر بعد أن أجمع على استحبابه الجمهور لقوله تعالى :
﴿ ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ﴾
فقال جمهور العلماء : يكبر عند الغدو إلى الصلاة ، وهو مذهب ابن عمر
، وجماعة من الصحابة والتابعين ، وبه قال مالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو
ثور .
وقال قوم يكبر من ليلة الفطر ، إذا رأوا الهلال حتى يغدو إلى المصلى
، وحتى يخرج الامام ، وكذلك في ليلة الاضحى عندهم ، إن لم يكن حاجا وروي
عن ابن عباس إنكار التكبير جملة ، إلا إذا كبر الامام .
واتفقوا أيضا على التكبير في أدبار الصلوات أيام الحج ، واختلفوا في
توقيت ذلك فة إلى العصر من آخر أيام التشريق ، وبه قال سفيان ، وأحمد وأبو
ثور .
وقيل يكبر من صلاة الظهر من يومالنحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام
التشريق ، وهو قول مالك والشافعي ، وقال الزهري : مضت السنة أن يكبر الامام
في الامصار دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق .
وبالجملة ، فالخلاف في ذلك كثير ، حكى ابن المنذر فيها عشرة أقوال .
وسبب اختلافهم في ذلك : هو أنه نقلت بالعمل ، ولم ينقل في ذلك قول محدود .
فلما اختلفت الصحابة في ذلك ، اختلف من بعدهم .
والاصل في هذا الباب قوله تعالى :
﴿ واذكروا الله في أيام معدودات ﴾
فهذا الخطاب وإن كان المقصود به أولا أهل الحج ، فإن الجمهور رأوا
أنه يعم أهل الحج وغيرهم ، وتلقي ذلك بالعمل وإن كانوا اختلفوا في التوقيت
في ذلك ، ولعل التوقيت في ذلك على التخيير ، لانهم كلهم أجمعوا على التوقيت
، واختلفوا فيه .
وقال قوم : التكبير دبر الصلاة في هذه الايام ، إنما هو لمن صلى في جماعة .
وكذلك اختلفوا في صفة التكبير في هذه الايام ، فقال مالك والشافعي
يكبر ثلاثا : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، وقيل يزيد بعد هذا لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شئ قدير .
وروي عن ابن عباس أنه يقول : الله أكبر كبيرا ثلاث مرات ، ث
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 176