اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 154
ينوب سجود السهو إلا عما كان منها ليس بفرض ، وتفريقه أيضا بين
سجود النقصان ، والزيادة على الرواية الثانية ، ليكون سجود النقصان شرع
بدلا مما سقط من أجزاء الصلاة وسجود الزيادة كأنه استغفار لا بدل .
الفصل الثاني اختلفوا في مواضع سجود السهو
على خمسة أقوال : فذهبت الشافعية إلى أن سجود السهو موضعه أبدا
قبل السلام وذهبت الحنفية إلى أن موضعه أبدا بعد السلام وفرقت المالكية ،
فقالت : إن كان السجود لنقصان كان قبل السلام ، وإن كان لزيادة كان بعد
السلام وقال أحمد بن حنبل : يسجد قبل السلام في المواضع التي سجد فيها رسول
الله ( ص ) قبل السلام .
ويسجد بعد السلام في المواضع التي سجد فيها رسول الله ( ص ) بعد
السلام فما كان من سجود في غير تلك المواضع يسجد له أبدا قبل السلام وقال
أهل الظاهر : لا يسجد للسهو إلا في المواضع الخمسة التي سجد فيها رسول الله
( ص ) فقط ، وغير ذلك إن كان فرضا أتى به وإن كان ندبا فليس عليه شئ .
والسبب في اختلافهم : أنه عليه الصلاة والسلام ثبت عنه أنه سجد قبل
السلام ، وسجد بعد السلام وذلك أنه ثبت من حديث ابن بحينة أنه قال : صلى
لنا رسول الله ( ص ) ركعتين ، ثم قام فلم يجلس ، فقام الناس معه فلما قضى
صلاته سجد سجدتين وهو جالس .
وثبت أيضا أنه سجد بعد السلام في حديث ذي اليدين المتقدم .
إذ سلم من اثنتين ، فذهب الذين جوزوا القياس في سجود السهو أعني
الذين رأوا تعدية الحكم في المواضع التي سجد فيها عليه الصلاة والسلام إلى
أشباهها في هذه الاثار الصحيحة ثلاثة مذاهب : أحدها مذهب الترجيح ، والثاني
مذهب الجمع ، والثالث مذهب الجمع والترجيح : فمن رجح حديث ابن بحينة قال :
السجود قبل السلام ، واحتج لذلك بحديث أبي سعيد الخدري الثابت أنه عليه
الصلاة والسلام قال : إذا شك أحدكم في صلاته ، فلم يدر كم صلى أثلاثا ، أم
أربعا ، فليصل ركعة ، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ، فإن كانت
الركعة التي صلاها خامسة شفعها بهاتين السجدتين وإن كانت رابعة فالسجدتان
ترغيم للشيطان .
قالوا : ففيه السجود للزيادة قبل السلام ، لانها ممكنة الوقوع خامسة
واحتجوا لذلك أيضا بما روي عن ابن شهاب أنه قال : كان آخر الامرين من رسول
الله ( ص ) السجود قبل السلام .
وأما منرجح حديث ذي اليدين فقال السجود بعد السلام .
واحتجوا لترجيح هذا الحديث بأن حديث ابن بحينة قد عارضه حديث
المغيرة بن شعبة : أنه عليه الصلاة والسلام قام من اثنتين ، ولم يجلس ، ثم
سجد بعد السلام قال أبو عمر : ليس مثله في النقل ، فيعارض به ، واحتجوا
أيضا لذلك بحديث ابن مسعود الثابت : أن رسول الله ( ص ) صلى خمسا ساهيا ،
وسجد لسهوه بعد السلام .
وأما من ذهب مذهب الجمع ، فإنهم قالوا : إن هذه الاحاديث
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 154