اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 146
والاشارة وهو مذهب النعمان ، وأجاز قوم الرد في نفسه ، وقوم قالوا يرد إذا فرغ من الصلاة .
والسبب في اختلافهم : هل رد السلام من نوع التفي الصلاة المنهي عنه
أم لا ؟ فمن رأى أنه من نوع الكلام المنهي عنه ، وخصص الامر برد السلام في
قوله تعالى :
﴿ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ﴾
الاية بأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة قال : لا يجوز الرد في
الصلاة ، ومن رأى أنه ليس داخلا في الكلام المنهي عنه ، أو خصص أحاديث
النهي بالامر برد السلام أجازه في الصلاة .
قال أبو بكر بن المنذر : ومن قال : لا يرد ولا يشير ، فقد خالف
السنة فإنه قد أخبر خبيب : أن النبي عليه الصلاة والسلام رد على الذين
سلموا عليه وهو في الصلاة بإشارة .
الباب الثاني : في القضاء والكلام في هذا الباب على من يجب القضاء ، وفي صفة أنواع القضاء ، وفي شروطه .
فأما على من يجب القضاء ، فاتفق المسلمون على أنه يجب على الناسي والنائم ، واختلفوا في العامد ، والمغمى عليه .
وإنما اتفق المسلمون على وجوب القضاء على الناسي والنائم لثبوت قوله
عليه الصلاة والسلام وفعله : وأعني بقوله عليه الصلاة والسلام رفع القلم
عن ثلاث فذكر النائم ، وقوله : إذا نام أحدكم عن الصلاة ، أو نسيها ،
فليصلها إذا ذكرها وما روي : أنه نام عن الصلاة حتى خرج وقتها فقضاها .
وأما تاركها عمدا حتى يخرج الوقت ، فإن الجمهور على أنه آثم وأن
القضاء عليه واجب وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه لا يقضي وأنه آثم ، وأحد من
ذهب إلى ذلك أبو محمد بن حزم .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في شيئين : أحدهما : في جواز القياس في الشرع .
والثاني : في قياس العامد على الناسي إذا سلم جواز القياس ، فمن رأى
أنه إذا وجب القضاء على الناسي الذي قد عذره الشرع في أشياء كثيرة
فالمتعمد أحرى أن يجب عليه ، لانه غير معذور ، أوجب القضاء عليه ، ومن رأى
أن الناسي والعامد ضدان ، والاضداد لا يقاس بعضها على بعض ، إذ أحكامها
مختلفة ، وإنما تقاس الاشباه ، لم يجز قيا س العامد على الناسي .
والحق في هذا أنه إذا جعل الوجوب من باب التغليظ كان القياس سائغا .
وأما إن جعل من باب الرفق بالناسي والعذر له ، وأن لا يفوته ذلك
الخير ، فالعامد في هذا ضد الناسي ، والقياس غير سائغ لانالناسي معذور ،
والعامد غير معذور .
والاصل أن القضاء لا يجب بأمر الاداء ، وإنما يجب بأمر محدد على ما
قال المتكلمون ، لان القاضي قد فاته ، وهو الوقت إذ كان شرطا من شروط الصحة
، والتأخير عن الوقت في قياس التقديم عليه ، لكن قد ورد الاثر بالناسي
والنائم ، وتردد العامد بين أن يكون شبيها ، أو غير
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 146