اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 133
الفصل الرابع : في أحكام الجمعة وفي هذا الباب أربع مسائل
لاولى : في حكم طهر الجمعة .
الثانية : على من تجب ممن خارالمصر .
الثالثة : في وقت الرواح المرغب فيه إلى الجمعة .
الرابعة : في جواز البيع يوم الجمعة بعد النداء .
المسألة الاولى : اختلفوا في طهر الجمعة ، فذهب الجمهور إلى أنه سنة
وذهب أهل الظاهر إلى أنه فرض ، ولا خلاف فيما أعلم أنه ليس شرطا في صحة
الصلاة .
والسبب في اختلافهم : تعارض الاثار ، وذلك أن في هذا لباب حديث أبي
سعيد الخدري ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : طهر يوم الجمعة واجب على كل
محتلم كطهر الجنابة وفيه حديث عائشة قالت : كان الناس عمال أنفسهم ،
فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم ، فقيل لو اغتسلتم ؟ والاول صحيح باتفاق ،
والثاني خرجه أبو داود ، ومسلم .
وظاهر حديث أبي سعيد يقتضي وجوب الغسل ، وظاهر حديث عائشة أن ذلك
كان لموضع النظافة ، وأنه ليس عبادة ، وقد روي : من توضأ يوم الجمعة فبها
ونعمت ، ومن اغتسل ، فالغسل أفضل وهو نص في سقوط فرضيته إلا أنه حديث ضعيف .
المسألة الثانية : وأما وجوب الجمعة على من هو خارج المصر ، فإن
قوما قالوا : لا تجب على من خارج المصر ، وقوم قالوا : بل تجب ، وهؤلاء
اختلفوا اختلافا كثيرا فمنهم من قال : من كان بينه ، وبين الجمعة مسيرة يوم
وجب عليه الاتيان إليها ، وهو شاذ ، ومنهم من قال : يجب عليه الاتيان
إليها على ثلاثة أميال ، ومنهم من قال : يجب عليه الاتيان من حيث يسمع
النداء ، في الاغلب ، وذلك منثلاثة أميال من موضع النداء ، وهذان القولان
عن مالك .
وهذه المسألة ثبتت في شروط الوجوب .
وسبب اختلافهم في هذا الباب : اختلاف الاثار ، وذلك أنه ورد أن
الناس كانوا يأتون الجمعة من العوالي في زمان النبي ( ص ) ، وذلك ثلاثة
أميال من المدينة .
وروى أبو داود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : الجمعة على من
سمع النداء وروي : الجمعة على من آواه الليل إلى أهله وهو أثر ضعيف .
المسألة الثالثة : وأما اختلافهم في الساعات التي وردت في فضل
الرواح ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : من راح في الساعة الاولى ، فكأنما
قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية ، فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في
الساعة الثالثة ، فكأنما قرب كبشا ، ومن راح في الساعة الرابعة ، فكأنما
قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة .
فإن الشافعي وجماعة من العلماء اعتقدوا أن هذه الساعات هي ساعات
النهار فندبوا إلى الرواح من أول النهار ، وذهب مالك إلى أنها أجزاء ساعة
واحدة قبل الزوال ، وبعده .
وقال قوم : هي أجزاء ساعة قبل الزوال ، وهو الاظهر لوجوب السعي بعد الزوال إلا على مذهب من يرى أن الواجب يدخله الفضيلة .
المسألة الرابعة : وأما اختلافهم في البيع والشراء وقت النداء ، فإن
قوما قالوا : يفسخ البيع إذا وقع النداء ، وقوم قالوا : لا يفسخ .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 133