اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 121
المسألة الثانية : أجمع العلماء على أن الصف ف الاول مرغب فيه ،
وكذلك تراص الصفوف وتسويتها لثبوت الامر بذلك عن رسول الله ( ص ) ،
واختلفوا إذا صلى إنسان خلف الصف وحده ، فالجمهور على أن صلاته تجزئ وقال
أحمد ، وأبو ثور وجماعة : صلاته فاسدة .
يقول : ليس في ذلك حجة ، لان سنة النساء هي القيام خلف الرجال .
وكان أحمد كما قلنا يصحح حديث وابصة .
وقال غيره : هو من مضطرب الاسناد لا تقوم به حجة .
واحتج الجمهور بحديث أبي بكرة أنه ركع دون الصف فلم يأمره رسول الله
( ص ) بالاعادة ، وقال له : زادك الله حرصا ، ولا تعد ولو حمل هذا على
الندب ، لم يكن تعارض : أعني بين حديث وابصة ، وحديث أبي بكرة .
المسألة الثالثة : اختلف الصدر الاول في الرجل يريد الصلاة ، فيسمع
الاقامة هليسرع المشي إلى المسجد أم لا ، مخافة أن يفوته جزء من الصلاة ؟
فروي عن عمر وابن عمر وابن مسعود أنهم كانوا يسرعون المشي إذا سمعوا
الاقامة .
وروي عن زيد بن ثابت وأبي ذر وغيرهم من الصحابة أنهم كانوا لا يرون
السعي ، بل أن تؤتى الصلاة بوقار وسكينة ، وبهذا القول قال فقهاء الامصار
لحديث أبي هريرة الثابت : إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها ، وأنتم تسعون ،
وأتوها وعليكم السكينة .
الخلاف في ذلك أنه لم يبلغهم هذا الحديث ، أو رأوا أن الكتاب يعارضه لقوله تعالى :
﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾
وقوله :
( والسابقون السابقونئ أولئك المقربون )
وقوله :
﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ﴾
وبالجملة فأصول الشرع تشهد بالمبادرة إلى الخير ، ولكن إذا صح الحديث ، وجب أن تستثنى الصلاة من بين سائر أعمال القرب .
المسألة الرابعة : متى يستحب أن يقام إلى الصلاة ، فبعض استحسن
البدء في أول الاقامة على الاصل في الترغيب في المسارعة ، وبعض عند قوله :
قد قامت الصلاة ، وبعضهم عند حي على الفلاح ، وبعضهم قال : حتى يروا الامام
، وبعضهم لم يحد في ذلك حدا كمالك رضي الله عنه ، فإنه وكل ذلك إلى قدر
طاقة الناس ، وليس في هذا شرع مسموع إلا حديث أبي قتادة أنه قال عليه
الصلاة والسلام : إذا أقيمت الصلاة ، فلا تقومو
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 121