اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 110
قبل من أن بعض الناس يرى أن الاصل في أفعاله ( ص ) أن تحمل على
الوجوب حتى يدل الدليل على غير ذلك ، ومنهم من يرى أن الاصل أن لا يزاد
فيما صح بدليل واضح من قول ثابت ، أو إجماع أنه من فرائض الصلاة إلا بدليل
واضح .
وقد تقدم هذا من قولنا ، ولا معنى لتكرير الشئ الواحد مرات كثيرة .
وأما الحد الذي ترفع إليه اليدان فذهب بعضهم إلى أنه المنكبان وبه
قال مالك والشافعي وجماعة ، وذهب بعضهم إلى رفعها إلى الاذنين وبه قال أبو
حنيفة وذهب بعضهم إلى رفعها إلى الصدر .
وكل ذلك مروي عن النبي ( ص ) ، إلا أن أثبت ما في ذلك .
أنه كان يرفعهما حذو منكبيه وعليه الجمهور والرفع إلى الاذنين أثبت من الرفع إلى الصدر ، وأشهر .
المسألة الثانية : ذهب أبو حنيفة إلى أن الاعتدال من الركوع ، وفي
الركوع ، غير واجب وقال الشافعي : هو واجب واختلف أصحاب مالك هل ظاهر مذهبه
يقتضي أن في ذلك .
والسبب في اختلافهم : هل الواجب الاخذ ببعض ما ينطلق عليه الاسم أم
بكل ذلك الشئ الذي ينطلق عليه الاسم ، فمن كان الواجب عنده الاخذ ببعض ما
ينطلق عليه الاسم : لم يشترط الاعتدال في الركوع ، ومن كانالواجب عنده
الاخذ بالكل ، اشترط الاعتدال .
وقد صح عن النبي ( ص ) أنه قال في الحديث المتقدم للرجل الذي علمه
فروض الصلاة : اركع حتى تطمئن راكعا ، وارفع حتى تطمئن رافعا فالواجب
اعتقاد كونه فرضا ، وعلى هذا الحديث عول كل من رأى أن الاصل لا تحمل أفعاله
عليه الصلاة والسلام في سائر أفعال الصلاة ، مما لم ينص عليها في هذا
الحديث على الوجوب حتى يدل الدليل على ذلك ، ومن قبل هذا لم يروا رفع
اليدين فرضا ولا ما عدا تكبيرة الاحرام والقراءة من الاقاويل التي في
الصلاة فتأمل هذا ، فإنه أصل مناقض للاصل الاول ، وهو سبب الخلاف في أكثر
هذه المسائل .
المسألة الثالثة : اختلف الفقهاء في هيئة الجلوس فقال مالك وأصحابه
ويفضي بأليتيه إلى الارض ، وينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى ، وجلوس المرأة
عنده كجلوس الرجل وقال أبو حنيفة وأصحابه : ينصب الرجل اليمنى ، ويقعد على
اليسرى وفرق الشافعي بين الجلسة الوسطى ، والاخيرة ، فقال في الوسطى بمثل
قول أبي حنيفة وفي الاخيرة بمثل قول مالك .
وسبب اختلافهم في ذلك : تعارض الاثار ، وذلك أن في ذلك ثلاثة آثار :
أحدها : وهو ثابت باتفاق حديث أبي حميد الساعدي الوارد في وصف صلاته عليه
الصلاة والسلام .
وفيه : وإذا جلس في الركعتين ، جلس على رجله اليسرى ، ونصب اليمنى ،
وإذا جلس في الركعة الاخيرة قدم رجله اليسرى ، ونصب اليمنى ، وقعد على
مقعدته .
والثاني : حديث وائل بن حجر ، وفيه أنه كان إذا قعد في الصلاة نصب
اليمنى ، , أنه قال : إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى
وهو يدخل في المسند لقوله فيه : إنما سنة
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 110