اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 102
وأنكر ذلك مالك وأصحابه ، وأبو حنيفة ، وأصحابه .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في تصحيح حديث أبي هريرة أنه قال : كانت
له عليه الصلا والسلام سكتات في صلاته حين يكبر ويفتتح الصلاة ، وحين يقرأ
فاتحة الكتاب ، وإذا فرغ من القراءة قبل الركوع .
المسألة الرابعة : اختلفوا في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في
افتتاح القراءة في الصلاة ، فمنع ذلك مالك في الصلاة المكتوبة جهرا كانت أو
سرا ، لا في استفتاح أم القرآن ، ولا في غيرها من السور ، وأجاز ذلك في
النافلة وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد يقرؤها مع أم القرآن في كل ركعة
سرا وقال الشافعي : يقرؤها ، ولا بد في الجهر جهرا ، وفي السر سرا ، وهي
عنده آية من فاتحة الكتاب وبه قال أحمد وأبو ثور ، وأبو عبيد .
واختلف قول الشافعي هل هي آية من كل سورة ؟ أم إنما هي من سورة النمل فقط ، ومن فاتحةالكتاب ؟ فروي عنه القولان جميعا .
وسبب الخلاف في هذا : آيل إلى شيئين : أحدهما : اختلاف الاثار في هذا الباب .
والثاني : اختلافهم هل بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب
أم لا ؟ فأما الاثار : التي احتج بها من أسقط ذلك ، فمنها حديث ابن مغفل
قال : سمعني أبي ، وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال : يا بني : إياك والحدث ، فإني صليت مع سمع رجلا منهم يقرؤها قال أبو عمر بن عبد البر : ابن مغفل رجل مجهول .
ومنها ما رواه مالك من حديث أنس أنه قال : قمت وراء أبي بكر ، وعمر
وعثمان رضي الله عنهم ، فكلهم كان لا يقرأ بسم الله إذا افتتحوا الصلاة .
قال أبو عمر : وفي بعض الروايات أنه : قام خلف النبي ( ص ) فكان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم .
قال أبو عمر : إلا أن أهل الحديث قالوا في حديث أنس هذا : إن النقل
فيه مضطرب اضطرابا لا تقوم به حجة ، وذلك أن مرة روي عنه مرفوعا إلى النبي (
ص ) ، ومرة لم يرفع ، ومنهم من يذكر عثمان ، ومن لا يذكره ، ومنهم من يقول
: فكانوا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم ، ومنهم من يقول : فكانوا لا
يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم ، ومنهم من يقول : فكانوا لا يجهرون ببسم
الله الرحمن الرحيم .
وأما الاحاديث المعارضة لهذا ، فمنها حديث نعيم بن عبد الله المجمر
قال : صليت خلف أبي هريرة ، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قبل أم القرآن ،
وقبل السورة ، وكبر في الخفض ، والرفع ، وقال : أنا أشبهكم بصلاة رسول الله
( ص ) .
ومنها حديث ابن عباس : أن النبي ( ص ) كان يجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم ومنها حديث أم سلمة أنها قالت كان رسول الله ( ص ) يقرأ ببسم الله
الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .
فاختلاف هذه الاثار أحد ما أوجب اختلافهم في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة .
والسبب الثاني : كما قلنا هو هل بسم الله الرحمن الرحيم آية من أم
الكتاب وحدها أو من كل سورة ، أم ليست آية لا من أم الكتاب ، ولا من كل
سورة ؟ فمن رأى أنها آية من أم الكتاب ، أوجب قراءتها بوجوب قراءة
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 102