اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 101
أتت بيانا لواجب محمولة على الوجوب ، كما قال ( ص ) : صلوا كما رأيتموني أصلي وخذوا عني مناسككم .
وقالت الفرقة الاولى : ما في هذه الاثار يدل على أن العمل عند
الصحابة ، إنما كان على إتمام التكبير ، ولذلك كان أبو هريرة يقول : إني
لاشبهكم صلاة بصلاة رسول الله ( ص ) .
وقال عمران : أذكرني هذا بصلاته صلاة محمد ( ص ) .
وأما من جعل التكبير كله نفلا ، فضعيف ، ولعله قاسه على سائر الاذكار التي في حرام على سائر التكبيرات .
قال أبو عمر بن عبد البر : ومما يؤيد مذهب الجمهور ما رواه شعبة بن
الحجاج عن الحسن بن عمران عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال :
صليت مع النبي ( ص ) فلم يتم التكبير وصليت مع عمر بن عبد العزيز ، فلم
يتم التكبير .
وما رواه أحمد بن حنبل عن عمر رضي الله عنه : أنه كان لا يكبر إذا
صلى وحده وكأن هؤلاء رأوا أن التكبير إنما هو لمكان إشعار الامام للمأمومين
بقيامه ، وقعوده ويشبه أن يكون إلى هذا ذهب من رآه كله نفلا .
المسألة الثانية : قال مالك : لا يجزئ من لفظ التكبير إلا الله أكبر
وقال الشافعي : الله أكبر ، والله الاكبر ، اللفظان كلاهما يجزئ وقال أبو
حنيفة : يجزئ من لفظ التكبير كل لفظ في معناه مثل الله الاعظم والله الاجل .
وسبب اختلافهم : هل اللفظ هو المتعبد به في الافتتاح ، أو المعنى ؟
وقد استدل المالكيون ، والشافعيون بقوله عليه الصلاة والسلام : مفتاح
الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم قالوا : والالف
واللام هاهنا للحصر ، والحصر يدل على أن الحكم خاص بالمنطوق به وأنه لا
يجوز بغيره ، وليس يوافقهم أبو حنيفة على هذا الاصل ، فإن هذا المفهوم هو
عنده من باب دليل الخطاب ، وهو أن يحكمللمسكوت عنه بضد حكم المنطوق به ،
ودليل الخطاب ، عند أبي حنيفة غير معمول به .
المسألة الثالثة : ذهب قوم إلى أن التوجيه في الصلاة واجب ، وهو أن
يقول بعد التكبير : إما ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض ) وهو مذهب
الشافعي وإما أن يسبح ، وهو مذهب أبي حنيفة وإما أن يجمع بينهما وهو مذهب
أبي يوسف صاحبه .
وقال مالك : ليس التوجيه بواجب في الصلاة ، ولا بسنة .
وسبب الاختلاف : معارضة الاثار الواردة بالتوجيه للعمل عند مالك ، أو الاختلاف في صحة الاثار الواردة بذلك .
قال القاضي : قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة : أن رسول الله ( ص )
كان يسكت بين التكبير ، والقراءة إسكاتة ، قال : فقلت : يا رسول الله بأبي
أنت وأمي إسكاتك بين بين خطاياي ، كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم
نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس ، اللهم اغسل خطاياي
بالماء والثلج ، والبرد .
وقد ذهب قوم إلى استحسان سكتات كثيرة في الصلاة ، منها حين يكبر ،
ومنها حين يفرغ من قراءة أم القرآن ، وإذا فرغ من القراءة قبل الركوع ،
وممن قال بهذا القول الشافعي ، وأبو ثور ، والاوزاعي .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 101