وإذا كان الأمر كذلك وكان الله تعالى هو الناصب للامام وجب أن يكون أفضل ظاهرا وباطنا وأكثر ثوابا ، لأنه تعالى مطلع على الباطن .
والإمام إمام في الدين وفيما يتعلق بتكليف المكلفين الذي الغرض فيه
تعريضهم للمنافع الدينية ، فيجب أن يكون في ذلك أفضل منهم وأن يكون أكثر
ثوابا منهم .
وهذا بخلاف من نصبه الناس بالإختيار ، لأن المختارين لا طريق لهم إلى علم الباطن وطريقهم غلبة [1] الظن لا غير .
فإن قيل : يجوز تقديم المفضول على الفاضل إذا كان في الفاضل مانع يمنع من تقديمه وفي تقديم المفضول مصلحة .
فالجواب : لا يجوز ذلك ، لأن كون تقديم المفضول على الفاضل فيما هو
أفضل منه فيه وجه قبح ، ومع ثبوت وجه القبح يقبح الفعل وإن ثبت فيه عدة من
وجوه الحسن .
ألا ترى إن الظلمة لما ثبت أنها [2] وجه قبح لم يجز أن يحسن ظلم قط بسبب أن يكون فيه مصلحة لأحد أو تناول نفع عاجل .
فإن قيل : هذا باطل ، لأن النبي عليه السلام قدم خالد بن الوليد
وعمرو بن العاص على أبي بكر وعمرو وزيد بن حارثة على جعفر بن أبى طالب ،
والمقدم عليه ههنا أفضل .
فالجواب : إنما قدم النبي صلى الله عليه وآله المذكورين في أمر
الحرب ومقاومة العدو ، وقد كانوا أفضل ممن قدمهم عليهم في ذلك ، فإن خديعة
عمرو بن العاص ومكره غير خاف ، وقد قال عليه السلام : الحرب