فقال له : بل أسكت أنت يابن الخطاب ، فإنك والله تنطق بغير لسانك
وتعتصم بغير أركانك ، وإنك لجبان في الحروب وبخيل في الجدوب لئيم العنصر ،
مالك في قريش مفخر .
قال : فارتد عمر جالسا ينكث ثناياه بأصبعة .
ثم قال سلمان الفارسي رضي الله عنه وقال : ( يا أبا بكر إلى من تسند
أمرا إذا نزل بك الأمر ، وإلى من تفزع إذا سئل عما لا تعلم وفي القوم من
هو أعلم منك وأقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله قرابة منك ، قدمه رسول
الله في حياته وعرفه إلينا بعد وفاته ، فتركتم قوله وتناسيتم وصيته ، فعما
قليل تنقل عن دنياك وتصير إلى آخرتك ، وقد علمت أن علي بن أبي طالب صاحب
هذا الأمر بعد رسول الله ، فلو رددت هذا الأمر إلى أهله لكان لك في ذلك
النجاة من النار ، على أنك قد سمعت كما سمعنا ورأيت كما رأينا ، فلم ترد
على ما أنت عليه وما أنت له فاعل ، وقد منحتك نصحي وبذلت لك ما عندي ، فإن
قبلت ذلك وفقت وأرشدت ) ثم جلس .
وقام إليه أبو ذر رضي الله عنه ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي
فصلى عليه ، ثم قال : ( يا معشر قريش قد علمتم وعلم خياركم أن النبي صلى
الله عليه وآله قال لنا : الأمر من بعدي لعلي بن أبي طالب ثم للأئمة من ولد
الحسين .
فتركتم قوله وتناسيتم وصيته واتبعتم أمر دنيا فانية وتركتم أمر
الآخرة الباقية ، وكذلك الأمم كفرت بعد إيمانها وجحدت بعد برها ، فكفرتم
وحاربتموه حذو القذة بالقذة ومثل النعل بالنعل ، فعما قليل تذوقون وبال