يصدق ما ذكرته لك ، فإن عرفته أتؤمن به ؟ قال اليهودي : نعم .
قال : ألستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران عليه السلام كان
ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرق ، فقال له موسى : من أين أقبلت ؟ قال :
من عند الله عز وجل .
، ثم جاءه ملك من المغرب فقال له : من أين جئت ؟ قال : من عند الله عز وجل .
ثم جاءه ملك [ آخر ] فقال : قد جئتك من السماء السابعة من عند الله ،
ثم جاءه ملك آخر فقال : قد جئتك من الأرض السفلى السابعة من عند الله ،
فقال موسى عليه السلام : سبحان من لا يخلوم منه مكان ، ولا يكون إلى مكان
أقرب من مكان .
فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك
أمير المؤمنين ، أن هذا هو الحق المبين ، وأنك أحق بمقام نبيك ممن استولى
عليه .
وهذا الحبر العالم [2] إنما استدل على أن علي بن أبي طالب أحق
بمقام الرسول صلى الله عليه وآله ممن استولى عليه ، بما ظهر له من جوابه
أنه هو الحق المبين ، يصلح أن يكون جوابا لخلفاء النبيين ، وبما ظهر له من
فساد الجواب الأول ، وأنه لا يصلح أن يصدر عن عالم من علماء الرعية فكيف
يصلح أن يصدر من خلفاء النبيين .
وقد سألت كثيرا ممن قرأ التوراة من أهل الذمة وقرأ كتاب يوشع بن نون
عليه السلام وكتبا في معالم دينهم تسمى كتب النبوة ، وقالوا : إن هذه
[1]الإرشاد للمفيد 1 / 202 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، والزيادات منه .
[2]في الحبر بفتح الحاء وكسرها : العالم الصالح ، رئيس الكهنة عند اليهود .