تنبيه ذكر النيموي في آثار السنن أثرين يدلان على أن وقت العشاء
إلى طلوع الفجر أحدهما أثر أبي هريرة عن عبيد بن جريج أنه قال لأبي هريرة
ما إفراط صلاة العشاء قال طلوع الفجر رواه الطحاوي وثانيهما أثر عمر عن
نافع بن جبير قال كتب عمر إلى أبي موسى وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها
رواه الطحاوي ورجاله ثقات ثم قال دل الحديثان على أن وقت العشاء يبقى بعد
مضي نصف الليل إلى طلوع الفجر ولا يخرج بخروجه فبالجمع بين الأحاديث كلها
يثبت أن وقت العشاء من حين دخوله إلى نصف الليل أفضل وبعضه أولى من بعض
وأما بعد نصف الليل فلا يخلو من الكراهة انتهى وقال الحافظ الزيلعي في نصب
الراية ص 122 تكلم الطحاوي في شرح الآثار ههنا كلاما حسنا ملخصه أنه قال
يظهر من مجموع الأحاديث أن اخر وقت العشاء حين يطلع الفجر وذلك أن ابن عباس
وأبا موسى والخدري رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرها إلى ثلث الليل
وروى أبو هريرة وأنس أنه أخرها حتى انتصف الليل وروى ابن عمر أنه أخرها حتى
ذهب سدس الليل وروت عائشة أن أعتم بها حتى ذهب عامة الليل وكل هذه
الروايات في الصحيح قال فثبت بهذا أن الليل كله وقت لها ولكنه على أوقات
ثلاثة فأما من حين يدخل وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل فأفضل وقت صليت فيه
وأما بعد ذلك إلى أن يتم نصف الليل ففي الفضل دون ذلك وأما بعد نصف الليل
فدونه ثم ساق بسنده عن نافع بن جبير قال كتب عمر إلى أبي موسى وصل العشاء
أي الليل شئت ولا تغفلها ولمسلم في قصة التعريس عن أبي قتادة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط أن يؤخر صلاة حتى يدخل
وقت الأخرى فدل على بقاء الأولى إلى أن يدخل وقت الأخرى وهو طلوع الثاني
انتهى قلت لا شك في أن كلام الطحاوي هذا حسن لو كان في هذا حديث مرفوع صحيح
ولكن لم أجد حديثا مرفوعا صحيحا أما حديث أبي قتادة المرفوع فقد عرفت فيما
تقدم أن عمومه مخصوص بالإجماع في الصبح فلقائل أن يقول إنه مخصوص بحديث
عبد الله بن عمرو بن العاص وما في معناه وأما حديث عائشة المرفوع أنه أعتم
بها حتى ذهب عامة الليل فليس المراد بعامة الليل أكثره كما زعم الطحاوي
وغيره بل المراد كثير منه قال النووي في شرح مسلم قوله في رواية عائشة إنه
أعتم بها حتى ذهب عامة الليل أي كثير منه وليس المراد أكثر ولا بد من
هذاالتأويل لقوله صلى الله عليه وسلم إنه لوقتها ولا يجوز أن يكون المراد
بهذا القول ما بعد نصف الليل لأنه لم يقل أحد من العلماء إن تأخيرها إلى ما
بعد نصف الليل أفضل انتهى وأما الحديثان الذان ذكرهما النيموي فهما ليسا
مرفوعين بل أحدهما قول عمر وفي سنده حبيب بن أبي ثابت وعليه مداره وهو مدلس
ورواه عن نافع بن جبير بالعنعنة قال الحافظ ابن حجر في طبقات المدلسين
جبيب بن أبي ثابت