وأخذ إقرارها بأن الله تعالى ربهم مع الموجود في حكمه تعالى أن لا
يقبل قول الصبيان فضلا عن الاطفال ، وقول الاطفال فضلا عن الذر ، لكونهم
غير مكلفين ولا مؤاخذين .
ومثل قول النبي ( صلعم ) : ( بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ) ،
واستحالة القول مع كون الموضع في الظاهر خاليا مما وصفهبه من روضة وجب من
حيث أن الرسول حكيم لاتتجه عليه سمة الجهالة إن لا يتعرى ما جاء به من معان
توافق العقول وتقبلها ، ويصح بها كون التنزيل حقا منطويا على الحكمة ،
وتلك المعاني هي التي نسميها تأويلا ، وباطنا ، وشرحا ، وبيانا .
إذا التأويل واجب .
البرهان الثاني : نقول : إن النبي ( صلعم ) دعا إلى الله بالحكمة كما أمره بقوله تعالى :
ولما كان لا يجوز توهم غير ذلك وقد وجد في الظاهر أنه عليه السلام
دعا إلى الله وإلى عبادته بفعل ما لو فعله إنسان في غير الموضع الذي أمر
بفعله فيه لقيل إنه مجنون ولاعب وساهي .
مثل أعمال الحج ومناسكه العجبية ، وكان لا يتعلق بظاهر هذه الافعال
من مخاطبة الحجر والعدو على أطراف الرجل التي هي القدم بالتهرول ، والامساك
عن تقليم الاظافير ، وحلق شعر الرأس ، ورمي الجمار ، حكمة وجب من حيث كونه
( ع .
م ) داعيا بالحكمة أن لا يخلف ما دعا إليه من تلك الافعال من معان
توافق الحكمة ، وتدل العقول بمعرفتها على ما فيه نجاتها ، ولقاحها بأنوار
القدس .