البرهان الثامن : لما كان العدل يقتضي أن يكون الجزاء بعد الاستحقاق خيرا كان أم شرا .
وكان الاستحقاق لا يقع إلا بالعمل ، وجب أن يكون العمل متقدما على الجزاء .
وإذا وجب أن يكون العمل متقدما على الجزاء ، وكان البشر في الدنيا
رهين العمل ، كان من ذلك العلم بأن الدنيا دار العمل ، وإذاكانت الدنيا دار
العمل لم تكن بدار الجزاء ، فإذا الدنيا ليست بدار للجزاء ( 3 ) ، فاعلم .
البرهان التاسع : : لما كان الجزاء لا يكون إلا بسابق الاكتساب ،
وكان الاكتساب ما ان يكون بالعمل أو بالفكر ، وكان لاسبيل للنفس إلى
الاكتساب بالعمل إلا من جهة الاشخاص وأبعاضها ، ولا إلى اكتساب بفكر
واعتقاد إلا من جهة التعاليم وموضوعاتها .
وكانت الاشخاص والتعاليم لا تكون إلا في الدنيا ، كان من ذلك العلم
بأن الدنيا دار الاكتساب ، وإذا كانت دار الاكتساب " فإذا الدنيا ليست " ( 3
) بدار الجزاء .