اسم الکتاب : العمل وحقوق العامل في الاسلام المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 10
«وقد فشلت المسيحية في صورتها تلك عند التطبيق العملي لانها تتطلب
من البشر فوق ما يطيقون احتماله. ولان كبت النوازع الفطرية على هذه الصورة
أمر مستحيل. فدفعة الجسد قوية عنيفة. وهي لا تفتأ تلح على الانسان، وتضغط
عليه ضغطاً ليستجيب اليها فاذا وقع الفرد بين ضغط الغريزة الدائم الملح،
وبين العقيدة التي توحي أن الاستجابة لهذا الضغط دنس لا يجوز أن يلوث به
نفسه، فليس لذلك إلا نتيجة واحدة، أو احدى نتيجتين: إما أن يستجيب لوحي
العقيدة - إن استطاع - فيترهبن، وينقطع عن الحياة والأحياء أو يستجيب لدفعة
الجسد العنيفة الملحة، فيطلق الشحنة التي يرهقه حبسها ويعذبه ولكنه مع هذا
لا ينجو من العذاب. فهناك الصراع الداخلي العنيف الذي ينشب في ضمير الفرد
الذي تستولي عليه هذه العقيدة، صراع بين ما فعله وما كان ينبغي أن يفعله:
صراع بين الجسد والروح ينتهي بالعقد النفسية التي أشار اليها فرويد، وخصص
حياته للكشف عنها، أو ينتهي بالاضطرابات العصبية التي تضيع نشاط الفرد
وتبدد طاقاته، فلا ينتفع لنفسه، ولا ينتفع بها أحد من الأحياء)[1].