اسم الکتاب : الصراع بين الأمويين و مبادئ الاسلام المؤلف : داود، حامد حفنی الجزء : 1 صفحة : 178
لقد مر بنا القول ان اسم الحجاج مقرون في العادة ـ عند كثير من
الناس ـ بالشدة والقسوة المتناهيتين . حتى اصبح اسمه يضرب فيه المثل في اخذ
الرعية بسياسة الشدة بإبشع صورها .
وقد يخيل لبعض الناس ان هذه الشدة تدل على الرجولة والشجاعة . غير
اني ارى انها تدل على الجبن والتخاذل . لان الشجاعة إنما تظهر عند الرجل في
مواقفه مع من هم في منزلته « من الحياء والسطوة والنفوذ او القوة الجسمية »
أو مع من هم فوقه في ذلك .
أما ان يستعمل المرء ضروب القسوة والشدة مع من هم دونه ، في السطوة
والنفوذ ، او مع العزل من الناس فأمر ان دل على شيء فإنما يدل على الخسة
والجبن وضعة النفس ، خاصة إذا ما كانت مواقف ذلك الشخص ـ مع من هم أعلى منه
ـ تنطوي على الجبن والتهافت .
وإلى القارئ موقف الحجاج مع عبد الملك بن مروان في قضيتين هامتين :
عندما اسرف الحجاج في قتل اسارى دير الجماجم وعلم بذلك عبد الملك بن مروان كتب اليه يزجره وذيل كتابه بالابيات التهديدية التالية :
إذا أنت لم تطلب امورا كرهتهـا *** وتطلب رضائي بالذي انت طالبه
وتخشـى الذي يخشاه مثلي هاربا *** إلـى الله منـه ضيع الدير حالبه
فإن ترمنـي غفلــة قرشيــة *** فيـا ربما قد غص بالماء شاربه
وإن ترمنــي وثبــة امويـة *** فهذا وهــذا كـل ذا أنا صاحبه