responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسول الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم مع خلفائه المؤلف : باقر شريف القرشي    الجزء : 1  صفحة : 43

ويبهر هذه البطولات الرائعة جميع أهل المحشر فينبري شاعر موهوب قد استولى عليه الإعجاب والإكبار فيستأذن من النبي ليتلوا ما نظمه في هذه المناسبة فيأذن له فاندفع مخاطباً للإمام :

وعـلى الـفراش مبيت لـيلك والعدى *** تُهـدي إلـيك بـوارقـاً ورعـودا

فـرقـدت مثـلوج الـفؤاد كـأنمـا *** تُهـدي الـقراع لـسمعك الـتغريدا

فيقابله الرسول بابتسامته الفياضة ، ويدعو له الجميع بالمغفرة والرضوان .

اعتراض أبي بكر :

وينبري أبو بكر فيقول : يا رسول الله ـ ألم أصاحبك حينما هاجرت من مكة وآويت معك إلى الغار حينما صممت قوى قريش ، وقد فديتك بنفسي ، فلماذا شِدتَ بابن أبي طالب وأهملت مقامي ودفاعي عنك ؟

وينبري إليه الرسول قائلا :

« وأنت يا أبا بكر عندما صحبتني إلى الغار بلغ بك الخوف إلى قرار سحيق ، وقد بذلت جميع جهودي لمحو الخوف عن نفسك ، وقد ضمنت لك السلامة وعدم إصابتك بأي شيء ، مما تخاف منه فلم يؤثر ذلك فيك حتى نزل فيك قول الله سبحانه « ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا هي السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم » .

فخصّني اليه بسكينته ، وبقيت انت بحزنك ووجلك وخوفك .

ويسكت أبو بكر ، ويسود وجم رهيب على الجميع فينبري الأزري يشق الصفوف ، فيستأذن من النبي لينشد قصيدته الغراء فأذن له ، فيقول :

أو مـا يـنـظرون مـاذا دهـتهـم *** قـصة الـغار مـن مـساوي دهـاهـا

يـوم طـافت طوائف الـحزن حـتى *** أوهـنت مـن جـني عـتيـق قـواهـا

إلى أن يقول :

اين هذا من راقـد في فراش المـ *** صطـفى يـسمع الـعدى ويراها

فـاستـدارت به عتـاة قـريـش *** حـيث دارت بها رحـى بغضاها

وأرادت بـه مـكـائـد ســوء *** فـشـفـى اللّـه داءها بـدواهـا

ورأت قسوراً لـو اعترضـته الإ *** نـس والـجن في وغـما أفـناها

ويعلو التكبير والتهليل من جميع جنبات القيامة ، وترفع الأيدي بالدعاء له ، ويمنح الشاعر الكبير ، وسام الشرف لمواهبه الفذة التي صرفها في خدمة أهل البيت عليهم السلام .

علـمه :

ومما أمتاز به الامام أمير المؤمنين على بقية الصحابة سعة علمه ، ووفور فقهه ، ودرايته باحكام التنزيل ، وأحاطته باسرار التشريع ، فهو وارث علمي وقد فتق أبواب العلوم ، ودلل على قواعدها وأصولها بعد ما كان الناس يجهلون منها كل شيء .

ويلتفت النبي صلى الله عليه وآله الى المجموعة الهائلة من الناس فيقول لها : لقد خلّفت علياً في أمتي ليوضح لها معالم الدين , ويبني لها أحكام التنزيل ، ولو ثنيت له الوسادة من بعدي لأفتى أهل الإنجيل بانجيلهم ، واهل الزبور بزبورهم ، واهل الفرقان بفرقانهم .

وساد العلم ، وانتشرت آفاق المعرفة ، ولكن الصدر الأول من امتي حرموا أنفسهم ، وحرموا الاجيال الصاعدة من بعدهم من الانتهال من غدير علمه ، والاستفادة من مكنونات فضائله التي حباه الله بها .

وقد أعلنت لجميع المسلمين ، وقلت لهم : « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب . » [1] .


[1] مستدرك الصحيحين 3 / 126 ، تأريخ الخطيب 4 ـ 348 ، تهذيب التهذيب 6 ـ 320 ، فيض القدير 3 ـ 46 ، مجمع الزوائد 9 ـ 114 .

اسم الکتاب : الرسول الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم مع خلفائه المؤلف : باقر شريف القرشي    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست