اسم الکتاب : الرسول الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم مع خلفائه المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 38
وبعد ما عرض النبي صلى الله عليه وآله سجلاً من الأحداث الرهيبة
التي رافقت بيعة أبي بكر أخذ يشيد في مواهب علي ، وعبقرياته ، ويبين لأهل
المحشر ما امتاز به وصيه من الملكات ، والنزعات ، وما قام به من الأعمال
الرفيعة في خدمة الاسلام ، قائلا :
لقد رافقت الفضائل علياً من حين ولادته ، وكان في جميع أدوار حياته
مثالاً للعدل ، والورع ، والشجاعة ، والعبادة ومعدناً للحكمة والعلم ،
وأخذ صلى الله عليه وآله يعد بعض فضائله ومزاياه .
ولادة علي :
وتميز علي عن سائر البشر بمولده ، فقد ولد في أشرف
بقعة على الأرض وهي الكعبة التي جعلها الله قبلة للأنام [1] ولم يختص أحد
بهذا الفضل سواه ، فقد ولد مسلماً ، مركز الايمان ، قد فتح عينيه على
الاسلام فلم يعرف قط عبادة الأصنام ، والأوثان ، فياله من مولود مبارك
محظوظ ، فقد ولد في بيت الايمان والعبادة والهدى .
نشـأتـه :
ونشأ علي في بيتي ، متغذياً بعلمي ، ومرتوياً
بفضائلي ، أرسم له في كل يوم أمثلة للهدى والصلاح ، وكان يشاهد صلاتي ويسمع
مناجاتي لربي .
لقد استأذنت عمي أبا طالب أن يترك لي علياً ليعيش معي فأذن لي
بذلك [2] فتأدب عل يدي ، وتأثر بهديي ، وارتسمت في أعماق نفسه ودخائل ذاته
جميع نزعاتي ، ولم يعرف في طفولته لهو الأطفال ولا صبوة الشباب وهفواتهم ،
1 ـ جاء في مستدرك الصحيحين 3 ـ 483 أنه قد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت
أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في جوف الكعبة .