اسم الکتاب : اعلام النساء المؤمنات المؤلف : الحسّون، محمد الجزء : 1 صفحة : 179
أيّها الناس إنّ الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها ،
واستبطأوا مدّة الآخرة فسعوا لها . والله أيّها الناس لولا أن تبطل الحقوق ،
وتعطّل الحدود ، ويظهر الظالمون ، وتقوى كلمة الشيطان ، لما اخترنا ورود
المنايا على خفض العيش وطيبه .
فالى أين تريدون رحمكم الله عن ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ، وزوج ابنته ، و أبي ابنيه ، خُلق من طينته ، وتفرّع من تبعته ،
وخصّه بسرّه ، وجلعه باب مدينته ، وأعلمَ بحبّه المسلمين ، وأبانَ ببغضه
المنافين ، فلم يزل كذلك يؤيده الله عزّوجلّ بمعونته ، ويمضي على سنن
استقامته ، ولا يعرج لراحة اللذات ، وهو مُفلّق الهام ، ومكسّر الأصنام ،
إذ صلّى والناس مشركون ، وأطاع والناس مرتابون . فلم يزل كذلك حتى قتل
مبارزي بدر ، وأفنى أهل اُحد ، وفرّق جمع هوازن ، فيالها وقائع زرعت قلوب
قوم نفاقاً وردّة وشقاقاً .
وقد اجتهدتُ في القول ، وبالغت في النصيحة ، وبالله التوفيق ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
فقال معاوية : والله يا اُم الخير ما أردتِ بهذا إلاّ قتلي ، والله لو قتلتكِ ما حَرِجتُ في ذلك .
قالت : والله ما يسوءني يابن هند أن يجري الله على يدَي من يسعدني الله بشقائه .
قال : هيهات يا كثيرة الفضول ، ما تقولين في عثمان بن عفان ؟
قالت : وما عسيت أن أقول فيه ، استخلفه الناس وهم كارهون ، وقتلوه وهم راضون .
فقال معاوية : يا اُم الخير ، هذا والله أصلك الذي تبنين عليه .
قالت : الله يشهد وكفى بالله شهيداً ما أردت بعثمان نقصاً ، ولقد كان سبّاقاً إلى الخيرات ، وانّه لرفيع الدرجة .
قال : فما تقولين في طلحة بن عبيدالله ؟
قالت : وما عسى أن أقول في طلحة ، اُغتيل من مأمنه ، واُوتي من حيث لم يحذر ، وقد وعده
اسم الکتاب : اعلام النساء المؤمنات المؤلف : الحسّون، محمد الجزء : 1 صفحة : 179